أيضاً: نزول الرب تبارك وتعالى فيه مذهب رابع لأهل البدع، وقد وقع في هذا المذهب الرابع بعض أهل السنة، أو بعض من ينتسب إلى السنة.
قالوا: إن الله تعالى ينزل، ولكن ينزل أمره وتنزل رحمته.
وهذا كلام مردود وباطل من وجوه: الوجه الأول: إن قولك: إن الله لا ينزل وإنما الذي ينزل رحمته وأمره.
فيه رد للنصوص الصحيحة الصريحة بغير حجة ولا برهان.
الوجه الثاني: إن رحمة الله تبارك وتعالى تنزل بالليل والنهار، لا تحتاج إلى نزول في الثلث الأخير من الليل، وليست محدودة بزمان ولا مكان.
الوجه الثالث: أن الحديث يقول: (ينزل ربنا تبارك وتعالى إذا بقي الثلث الليل الآخر فيقول: أنا الملك! من يدعوني فأستجيب له).
فقوله: (أنا الملك) وقوله: (ينزل ربنا) صريح في أن الذي ينزل هو الله عز وجل، فهل يمكن أن يتصور صرف لفظ: (الرب) ولفظ: (أنا الملك) إلى الأمر والنعمة والرحمة؟ لا يمكن.
هذا كلام لا تحتمله اللغة، بل العقل كذلك يرده، وهو تعطيل للإيمان بصريح النصوص، وقد وقع في هذا التأويل كثير من أهل العلم الذين نعتمد كلامهم وأخبارهم.
وعلى أية حال: الحق لا يعرف من خلالهم، وإنما الحق يعرف بالكتاب والسنة وبالأدلة البينة الواضحة، والأدلة ترد عليهم.
فما هي تلك الأدلة التي أثبتت نزول الله تبارك وتعالى؟ إن كنت أتكلم في هذه القضية كلاماً عاماً مجملاً بعد بيان عرض معتقدات أهل الملة في نزول المولى تبارك وتعالى -فإنني ألزمكم إلزاماً بقراءة رسالة عظيمة جداً لشيخ الإسلام ابن تيمية يفسر فيها حديث النزول، وهي مطبوعة في الهند، وطبعت هنا في الريان، وهي مأخوذة من المجلد الخامس من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، فمن لم يتمكن من شراء الرسالة على انفراد تمكن من قراءة هذه الرسالة في المجلد الخامس من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، كتاب عظيم جداً بلغ حوالي مائتين صفحة.