قال: [عن أبي رزين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ضحك ربنا تبارك وتعالى من قنوط عباده وقرب غيره -وهذا فيه إثبات لصفة الضحك- قال: قلت: يا رسول الله! أويضحك الرب؟ قال: نعم.
لن نعدم من رب يضحك خيراً)] يعني: أملنا في الله عظيم، وهذا نص ضعيف من جهة الإسناد، لكن متنه تشهد له الرواية الثانية التي أخرجها البخاري، وهي من طريق أبي هريرة.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [(يضحك الله إلى رجلين قتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة.
قال: يقاتل هذا -الأول- في سبيل الله فيقتل، ثم يتوب الله على القاتل فيؤمن فيقاتل في سبيل الله فيستشهد)] فيدخل كذلك هو الجنة، فكلاهما يدخل الجنة.
يعني: كأنه مؤمن وكافر، فالمؤمن يقاتل في سبيل الله فيقتله الكافر، فيدخل المؤمن الجنة، ثم يسلم بعد ذلك الكافر فيقاتل في سبيل الله فيقتل فيدخل كذلك الجنة، فإن الله تعالى يضحك إلى رجلين على هذا النحو، وهذا فيه إثبات صفة الضحك.
وجاء [أن ابن عباس قال في قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم:42] قال: عن بلاء عظيم].
فعبر عن الساق بالبلاء العظيم والشدة والكرب.
وهذا التفسير من ابن عباس لم يوافقه عليه أحد من أصحابه، وأنتم تعلمون أن قول الصاحب حجة إذا لم يكن له مخالف، فإذا خالفه جميع الأصحاب فالحجة في قولهم.
كل الذي ذكرناه الآن من اليدين والعينين والقدم والساق والأصابع والصورة سنفرد لكل واحدة تباعاً في الدرس القادم بإذن الله محاضرة تامة كاملة، حتى نستوعب الأدلة التي وردت في كل صفة، وإذا كان هناك شبهة في بعض الأدلة أوضحناها بإذن الله تبارك تعالى اعتماداً واتكالاً على كلام أهل العلم عليهم رحمة الله.
قال: [عن عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: (لما نزلت هذه الآية: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام:65]، قال عليه الصلاة والسلام: أعوذ بوجه الله)].
وهذا إثبات لصفة الوجه.
إن الإمام اللالكائي لم يرتب النصوص ترتيباً دقيقاً، فبعد أن يتكلم عن الوجه، يتكلم عن العين، ثم يتكلم عن الوجه مرة أخرى، ثم يتكلم عن اليد ثم عن الصورة ثم عن اليد مرة أخرى، والأصل أن يسرد كل النصوص الواردة في صفة تلو بعضها، ولكنه لم يفعل ذلك، وربما أنه أراد أن يرتب بعد الجمع، فوافته المنية قبل أن يرتب، كما هو الشأن في كثير من أهل العلم، صنفوا كتباً وقبل أن يرتبوها وافتهم المنية، فبقيت كتبهم على هذا النحو، فهل يجوز لمن أتى بعدهم أن يرتبوها؟
صلى الله عليه وسلم يجوز بشرط أن يُعلم أن هذا الترتيب من ترتيب فلان، كـ العلائي رتب كتاب ابن حبان على الأبواب الفقهية، فهو من حيث الكلم ومن حيث الأدلة والأسانيد من جمع ابن حبان، لكن لم يرتبه ابن حبان على هذا النحو الذي بين أيدينا، وإنما رتبه على نحو آخر، وترتيبه هذا كان فيه مشقة علينا حتى إن الحافظ ابن حجر قال: من أراد البحث في صحيح ابن حبان أضناه.
لأنك ممكن قد تجد حديثاً في الوضوء وهو في نفس الوقت موجود في الجنائز، أو موجود في الحدود، فكان صحيح ابن حبان كتاباً عظيماً جداً في بابه، إلا أنه لم يرتب، فلما رتب عظمت به المصلحة.