الوجه الأول من أوجه
صلى الله عليه وسلم أن الله جمع بينهما حين وصف به نفسه، ولو كانا يتناقضان ما صح أن يصف الله تعالى به نفسه، يعني: يكفي أنهما في القرآن قد وردا، فلا يوجد بينهما تناقض؛ لأن الله عز وجل قال هذا، وهذا إيمان مطلق، ما دام ربنا قال هذا، وما دام النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا فالكلام صحيح، كقوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:10]، وقوله عليه الصلاة والسلام: (يد الله على الجماعة)، وفي رواية: (يد الله مع الجماعة)، معنى هذا الكلام: أنه عندما أجتمع معك على البر والتقوى فربنا معنا ومؤيدنا وناصرنا ومعيننا، لكن (يد الله على الجماعة) أو (مع الجماعة) عجزت بعض العقول أن تفهم هذا المعنى، فقالوا: لا، اليد هنا ليس المقصود بها اليد الحقيقية لله عز وجل، إنما المقصود بها: النصرة والتأييد والإعانة والتثبيت، كيف ذلك والله تعالى قال: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:10]؟ فلو كانت اليد بمعنى القوة فهذا صرف للصفة عن مدلولها الحقيقي، وكأنك تقول: إنه ليس لله يد، ولو كانت اليد بمعنى القدرة فأنت تنفي أن تكون لله يد؛ لأنك أولت، بل حرفت النص عن ظاهره بما ينتج عنه تعطيل المولى عز وجل عن إحدى صفاته وهي صفة اليد.
فالقول الصحيح في تفسير قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:10]: فوقية يد الله فوق أيدي الجماعة المؤمنة لا يعلم كيفيتها إلا الله، وهذه قاعدة أخذناها في الدرس الماضي: أن الكلام في صفة واحدة كالكلام في بقية الصفات، والكلام في الصفات كالكلام في الذات.