هذه القاعدة الأولى جرت الخلف إلى الانحراف، وإلى تصوير الله تعالى بصورة قبيحة، سبحانه وتعالى عما يقولون، فأرادوا أن يفروا من ذلك فوقعوا بين نارين.
قالوا: لو أثبتنا لله ما أثبته لنفسه بالمماثلة لصفة المخلوقين فإن الله سيكون إنساناً، وهذا ليس معقولاً، فوقعوا بين نارين: أن يكذبوا بآيات الله الواردة في وصفه سبحانه كما فعل الجهم بن صفوان، فلا يد ولا ساق ولا عين ولا وجه؛ لأن إثبات هذه الصفات يستلزم التشبيه والتمثيل، فقالوا: ونحن ننزه المولى عز وجل عن ذلك، فنفوا عن المولى عز وجل ما أثبته لنفسه.
وهذه بلية أخرى.
وإما أن يؤولوها فيقولون: لو نفينا الصفات لأصبحنا نكذب بالقرآن، والله قال: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:10]، {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه:39] فأثبت الله لنفسه العين وأثبت لنفسه اليد، فلا بد أن نؤولها بالمجاز ونخرجها عن معناها الحقيقي اللائق به سبحانه وتعالى، وبهذا نكون قد أثبتنا لله تعالى ما أثبته لنفسه، فنقول: يد الله بمعنى: القوة.
وقوله: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه:39] المقصود بالعين هنا الرعاية، يعني: أحوطك وأشملك برعايتي حتى تتربى وتصير شاباً فتياً، وبالتالي يصرفون صفات المولى تبارك وتعالى عن معناها ومضمونها الحقيقي إلى المعنى المجازي.
هذه هي القواعد التي قعدها السلف في الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته، ولا يمكن أبداً فهم صفات المولى عز وجل على منهج السلف إلا بحفظ هذه القواعد واعتقادها، فلابد أن تراجعها بين الفترة والفترة حتى تعرف من أين أتي الخلف.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.