إن سياق الآيات في كتاب الله تعالى، وما روي عن رسول الله عليه الصلاة والسلام والصحابة والتابعين يدل على أن القرآن تكلم الله به على الحقيقة، وأهل السنة والجماعة لم يلجئوا لهذه المصطلحات إلا في مقابل مصطلحات أهل البدع؛ لأن أهل البدع يقولون: القرآن كلام الله، وأهل السنة يقولون: القرآن كلام الله، لكن أهل البدع يقولون: مخلوق، وأهل السنة يقولون: غير مخلوق، فهم مشتركون في اعتقادهم أن القرآن كلام الله، ومختلفون في أنه مخلوق أو غير مخلوق، فأهل السنة وأهل البدعة متفقون على الله تكلم بهذا الكلام، لكن من أهل البدع من يقول: إن القرآن هو كلام الله تكلم به مجازاً.
ومنهم من يقول: إن القرآن كلام الله تكلم به كلاماً نفسياً.
ومعنى ذلك: أن الله تعالى تكلم بهذا الكلام، لكنه كلام ليس بحرف ولا صوت، إذ إن جبريل عليه السلام علم ما دار في نفس الله عز وجل وما أراد أن يتكلم به، فعبر عما دار في نفس الله عز وجل، فعلى ذلك يكون القرآن من كلام جبريل لا من كلام الله عز وجل، وهذا قول الأشاعرة، فإنهم لا يثبتون أن الله تكلم بهذا الكلام بحرف وصوت، وإنما يقولون: إن الله تكلم كلاماً نفسياً، يعني: أصل هذا الكلام دار في نفس الله عز وجل، فنقله إلينا جبريل، فلم يتكلم الله تعالى به على الحقيقة بحرف وصوت.
والأشاعرة والماتريدية -وهم من أضل فرق المسلمين- قال عنهم الأزهريون: هم من أهل السنة والجماعة.
وليس الأمر كذلك، بل هذا من باب الخلط واللبس، فالأشاعرة ليسوا من أهل السنة، والماتريدية شر منهم، وليسوا من أهل السنة كذلك، فأهل السنة والجماعة يعتقدون أن الله تبارك وتعالى تكلم بهذا الكلام على الحقيقة بحرف وصوت، لكن بحرف وصوت يليق به عز وجل، فليس كحرفي وصوتي، فانتبه.