قال: [وقال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء:15]]، أي: أن الله تبارك وتعالى لا يعاقب ولا يعاتب إلا بعد بلوغ دعوة الرسل إلى الناس أجمعين.
قال: [وقال تبارك وتعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:165]].
فالرسل هم الذين يقيمون حجة الله على الخلق، وهم الواسطة بيننا وبين الله عز وجل، وهم المبلغون عن الله عز وجل وحيه ومراده، والذين ينقلون تكاليف الله عز وجل الشرعية إلى الخلق أجمعين.
والله تعالى لا يسأل الجاهل الذي جهل بعد أن بذل الوسع في التعلم وخفي عليه العلم، كما أنه لا يسأل الناسي ولا المجنون، ولا السفيه الذي قد عذره الله تعالى في كتابه وعذره نبيه في سنته.
وكذلك الله تبارك وتعالى ما أرسل رسله إلا ليفرغوا الوسع ويبذلوا الجهد في تعليم الخلق؛ حتى تنقطع حجتهم بين يدي الله عز وجل حتى لا تكون لهم حجة يوم القيامة.
قال: [وقال تبارك وتعالى: {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ * وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا} [القصص:44 - 47]-يعني: يا رب! لو أنك أرسلت إلينا رسولاً ما وقعنا في هذه الجرائم- {فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [القصص:47].
وقال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ} [طه:133]-يعني: لو يأتينا بآية ومعجزة من ربه- {أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى * وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} [طه:133 - 134]].
قال: [فدل] أي: هذه الآيات [على أن معرفة الله والرسل بالسمع كما أخبر الله عز وجل، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة].
فمعرفة الله ومعرفة الرسل إنما تكون بالسمع والنقل لا بالعقل.
هذا بعض الأدلة من كتاب الله على قولنا.