قال: [والإيمان بالميزان، كما جاء: (يوزن العبد يوم القيامة)].
والرواية الصحيحة: (يزن الله تبارك وتعالى العبد يوم القيامة فلا يوزن عنده جناح بعوضة).
ولا شك أن هذه الأعمال التي توزن من الأمور المعنوية، مع أن الأمور المعنوية لا وزن لها في الأصل، بل الذي يوزن الأمور المحسوسة؛ لأنه لا يتصور أن تأتي بهواء وتضعه في كفة الميزان! فالأعمال هذه شيء معنوي ليس محسوساً، لكن كيف توزن؟! سلمها لله عز وجل؛ لأن الله تبارك وتعالى قادر على ذلك، فهو قادر على أن يجعل للأعمال وزناً، فيكون لها ثقلاً وخفة، ولا نعرف كيفية ذلك، بل لا يلزمنا ذلك؛ لأن من أصول السنة عندنا: التسليم والتصديق، وكما أخبرنا الله تعالى بأنه يزن الأعمال فأيضاً يزن العبد بعمله، هذا العبد بلحمه ودمه وعظمه شيء محسوس يوضع في الميزان، فيزن أو يطيش، وهذه بالنسبة لنا ليس فيها إشكال، لكن العبد طاش أول ما وضع في الميزان؛ لأنه لا يزن عند الله جناح بعوضة، لأن الرجل يوزن بعمله وإيمانه، أو بإيمانه وعمله؛ لأن العمل يأتي بعد الإيمان، أليس كذلك؟ بلى.
أولاً: أن الله تبارك وتعالى قادر على أن يزن الأعمال وإن كانت شيئاً غير مادي؛ لأن هذا له، وهو سبحانه إذا أراد شيئاً إنما يقول له كن فيكون.
ثانياً: أن العبد يأتي يوم القيامة - طول وعرض - لا يزن عند الله جناح بعوضة، فلو وضعت جناح بعوضة في كفة ووضعت هذا العبد البغل في كفة أخرى، لرجحت كفه جناح البعوضة، والله تبارك وتعالى يزن العبد ومعه العمل.
ثالثاً: أن الله تبارك وتعالى يأمر الأعمال أن تتجسد -أي: تأتي في صورة محسوسة- فتوضع في الميزان فيكون لها وزناً, لكن المسألة الإيمانية التي نريد أن نؤكد عليها في وزن الأعمال: أن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يزن هذه الأعمال فإنه قادر على ذلك، وعلى النحو التي كانت عليه، سواء كانت محسوسة أو غير محسوسة.