ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام في أن إبليس خلق من خلق الله

قال: [ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام في أن إبليس خلق من خلق الله].

إبليس مصدر الشر، ومع هذا فالله هو الذي خلقه، والله تعالى أذن في وقوع الشر كما أذن في وقوع الخير، وهو الخالق الموجد للشر كما أنه الخالق والموجد للخير.

أما العبد فهو المكتسب للخير والشر، العبد هو الذي مارس بجوارحه صورة الخير وصورة الشر.

أما الذي أذن في وجود الخير والشر فهو الله عز وجل.

قال: [ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام في أن إبليس والجن خلق من خلق الله يرون من يريهم الله لا كما زعمت المبتدعة أن الجن لا حقيقة لهم، وأن إبليس كل رجل سوء]، وهذا قول الفلاسفة وقال بقولهم الجهمية.

قالوا: ما هناك شيء اسمه المسيح الدجال، والمهدي المنتظر.

والمستقر في عقيدة أهل السنة والجماعة: أن عيسى بن مريم لم يمت، ولم يقتل، ولم يصلب، وإنما رفعه الله عز وجل إليه، فهو عنده حي، وسينزل في آخر الزمان يدعو بدعوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ويضع يده في يدي المهدي المنتظر، وهو الذي يقتل المسيح الدجال عند باب لد في فلسطين.

وهذا من عقيدة أهل السنة والجماعة وليس فيها خلاف.

أما أهل البدع فقالوا: لا يمكن أن يكون هناك شيء اسمه المسيح الدجال، إنما هو رمز للشر.

وكذلك المسيح عيسى بن مريم إنما هو رمز للخير، وما ورد أن المسيح عيسى بن مريم يقتل المسيح الدجال، فهو كناية عن انتصار الخير على الشر في آخر الزمان، وهذا ضلال مبين قال به كثير من المعاصرين فضلاً عن المتقدمين.

فالجهمية أو المبتدعة عموماً أتباع الفلاسفة يقولون: بأن إبليس ليس له حقيقة، ولا كنه، إنما هو رمز الشر، أراد الله عز وجل أن يعبر به على عادة العرب، كالأم لما تريد أن تخوف ابنها تقول: اسكت وإلا سآتي لك بالعفريت، فانبطع في ذهن هذا الغلام الصغير أن العفريت شيء مخيف، فيخرج الولد بهذا الانطباع ويتربى على أن العفريت عبارة عن رمز الشر وليس جسماً، ولا كنهاً.

وقالوا أيضاً: لا يوجد شيء اسمه إبليس أو شياطين أو جن، إنما هي أسماء للشر.

كما يقولون أيضاً: السحر مجاز عن الشر، ومعلوم أن السحر له حقيقة، وهذا مذهب جماهير أهل العلم من أهل السنة والجماعة أن السحر له حقيقة.

وبعضهم يقول: السحر ليس له حقيقة، وإنما هو خيالات وتوهمات، وهذا بلا شك رأي فاسد باطل ترد عليه أدلة الرأي الأول.

قال: [قال أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الجن على ثلاثة أصناف: ثلث لهم أجنحة يطيرون في الهواء، وثلث حيات وكلاب، وثلث يحلون ويظعنون)]، يعني: يروحون ويجيئون مسافرين قاعدين وغير ذلك.

قال: [وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أحتفظ بزكاة رمضان، وأتاني آت من الليل، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني فإني محتاج وحالي شديدة -يعني: أنه محتاج وله عيال- قال: فرحمته فخليت سبيله، فلما أصبح أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك البارحة؟ قال: يا نبي الله! زعم أنه محتاج وحاله شديدة فرحمته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنه قد كذبك وسيعود، فلما كان في الليلة الثانية رصده أبو هريرة فجاءه فأخذه فقال: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، زعمت أنك لا تعود فقد عدت، قال: دعني فإني محتاج وحالي شديدة، فخلى سبيله، فلما أصبح قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك الليلة؟ قال: يا رسول الله! شكا حاجة وعيالاً وإني رحمته فخليت سبيله، قال: أما إنه قد كذبك وسيعود، فلما كان في الليلة الثالثة راقبه أبو هريرة فتخبأ له فأخذه فقال: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها)]، فالصحابة رضي الله عنهم كانوا حريصين على الخير.

قال: [(إذا أخذت مضجعك -يعني إذا أردت أن تنام- فاقرأ آية الكرسي): {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة:255] إلى آخر الآية، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فأصبح فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ما فعل أسيرك الليلة؟ قال: يا نبي الله! علمني كلمات زعم أن الله ينفعني بها، قال: وما هي؟ قال: أمرني أن أقرأ آية الكرسي من أولها إلى آخرها، فإنه لن يزال علي من الله حافظ، ولا يقربني شيطان حتى أصبح، قال النبي عليه الصلاة والسلام: أما إنه قد صدقك وهو كذوب)].

أي: فيما أخبرك به إنه لصادق وإن كان الأصل فيه أنه كذوب، قال: [(أتدري من يخاطبك يا أبا هريرة؟ قال: لا، قال: فذاك شيطان)]، وهذا الحديث في البخاري.

وعليه فلا ي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015