قال: [وعن عائشة قالت: (سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إنه يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله)]، بسبب السحر الذي سحر به عليه الصلاة والسلام.
قال: [وعن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابه شيء - أي: من السحر - حتى كان يرى أنه يأتي نساءه ولا يأتيهن)].
وهو في حقيقة الأمر لم يأتهن، لكنه كان يخيل إليه أنه قد أتاهن، فانتبه من نومه فقال: [(يا عائشة، إن الله تعالى أفتاني فيما استفتيته)]، يعني: إن الله تعالى أراني حقيقة رؤيا قد رأيتها، (أتاني آتيان -أي: رجلان- فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي فقال أحدهما للآخر: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب)، يعني: مسحور، من الطب، وسموا المرض علاجاً أو صحة كما سموا السحر طباً من باب التفاؤل، كما سموا الشقاء سعادة من باب التفاؤل.
[(قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم)]، ولبيد بن الأعصم رجل من اليهود سحر النبي صلى الله عليه وسلم، [(قال الملك لصاحبه: فيم؟ قال: في مشط ومشاطة)]، المشط هو الذي يرجل به الشعر، والمشاطة: هي الشعر الذي يخرج في أثناء التمشيط وتسريح الشعر.
قال: [(وأين؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان)]، أي: في طلعة نخل، وأنتم تعلمون أن قشر النخل يسمى الطلعة، فقد وضعه لبيد بن الأعصم في هذه الطلعة في بئر يسمى: بئر ذروان.
قال: [(فأتى النبي صلى الله عليه وسلم البئر فاستخرجه)].
وفي رواية عند البخاري كذلك: (أنه أرسل بعض أصحابه فاستخرجه، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: هذه البئر التي رأيتها كأن ماءها نقاعة الحناء).
أي: هذه البئر هي التي قد رأيتها في المنام، وكأن ماءه كماء الحناء المنقوع، قال: (وكأن نخلها رءوس الشياطين)، يعني النخل الذي خرج من هذا البئر كأنه رءوس الشياطين.
قال: [(قالت عائشة: فقلت له: ألا تنتصر يا رسول الله!)].
وفي رواية: (ألا تنتشر)، أي: ألا تعالج نفسك بالنشرة، والنشرة عند المسلمين الأوائل وعند العرب معروفة، وهي: ضرب من ضروب العلاج كان الصحابة رضي الله عنهم يتعاطونه، ولا يزال إلى يومنا هذا من يتعاطى النشرة ويعالج بها من بعض الأمراض.