قال: [سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصور، والحشر، والنشر].
عن أبي هريرة وأبي سعيد: [قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم الصور)] وفي رواية: (كيف أنتم؟) أي: ما حالكم لو أن صاحب الصور -وهو إسرافيل عليه السلام- قد التقم الصور بفيه، أي: قد وضع فمه على البوق لينفخ فيه.
قال: [(وأصغى سمعه، وأحنى جبهته ينتظر متى يؤمر أن ينفخ)] أي: ينتظر الأمر الموجه إليه.
(وأحنى جبهته).
أي: لينظر إلى جهة العلو متى يؤمر أن ينفخ، ينتظر الأمر الموجه إليه، فإذا كان هذا قد أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام منذ أربعة عشر قرناً وزيادة فهذا يدل على تمام قرب الساعة.
قال: [(قالوا: يا رسول الله! كيف نقول -أي: والحالة هذه؟ - قال: قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا)].
[عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (أن أعرابياً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما الصور؟ -أي: ما كنه الصور وما حقيقته؟ - قال: قرن ينفخ فيه)].
والقرن كالبوق ينفخ فيه، لكنه بوق عظيم لا مثيل له في حياة الناس.
وقد جاء من حديث ابن عباس: (ما طرف صاحب الصور مذ وكل، مستعداً ينظر حول العرش مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه كأن عينيه كوكبان دريان)].
أي: ما غمضت عين إسرافيل وهو صاحب الصور منذ أن أوكله الله عز وجل بالنفخ في الصور، مستعداً لهذه المهمة التي أوكل بها.
قال: (ينظر حول العرش) وبين النبي عليه الصلاة والسلام علة أنه أحنى جبهته تحت العرش ونظر إلى جهته.
قال: (مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه) يعني: هو لم يطرف مخافة أن يصدر إليه الأمر في وقت طرفة عينه، يقول: (كأن عينيه كوكبان دريان).
[عن عبد الله بن عمرو قال: إن الملكين النافخين في السماء الدنيا مستعدان ينظران متى يؤمران ينفخان في الصور.
قال: ورأس أحدهما بالمشرق ورجلاه في المغرب، ورأس الآخر بالمغرب ورجلاه بالمشرق].
وهذا موقوف على عبد الله بن عمرو بن العاص، وأغلب الظن أنه أخذه من كتب الإسرائيليات، فهذا النص في غاية النكارة خاصة وأن النصوص أثبتت أن النافخ في الصور واحد لا اثنان.
[عن ابن عباس في قول الله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} [الزمر:68]]، وهذه نفخة الصعق.
وقد وقع الخلاف بين أهل العلم في عدد النفخ، والصواب الذي عليه جماهير أهل السنة: أن النفخ ثلاث نفخات: النفخة الأولى: تسمى نفخة الفزع.
والنفخة الثانية: تسمى نفخة الصعق.
والثالثة: تسمى نفخة البعث.
لما سئل ابن عباس في قول الله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} [الزمر:68] قال: [نفخ فيه أول مرة فصاروا عظاماً ورفاتاً، ثم نفخ فيه الثانية فإذا هم قيام ينظرون].
وفي حقيقة الأمر: أن هذه هي النفخة الثانية والثالثة، وليست الأولى والثانية، وابن عباس لم يتكلم عن نفخة الفزع.
وعن أبي هريرة مرفوعاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(ما بين النفختين أربعون.
قالوا: يا أبا هريرة! أربعون سنة؟ قال: أبيت.
قالوا: أربعون شهراً؟ قال: أبيت.
قالوا: أربعون يوماً؟ قال: أبيت)] يعني: أبيت أن أجزم بشيء من ذلك، وليس عندي فيه نص، وهذا من أمور الغيب، هذا فيما يتعلق بـ أبي هريرة، وقد ورد في غير الصحيح بإسناد صحيح من غير طريق أبي هريرة أن هذه الأربعين إنما هي أربعون سنة، فما بين النفختين -نفخة الصعق ونفخة البعث- أربعون سنة.
قال: [(ثم ينزل الله تبارك وتعالى ماءً)]، أي: في خلال هذه الأربعون سنة، أو في نهاية هذه الأربعين.
قال: [(فينبتون كما ينبت البقل)] يعني: ينبت الخلق من هذا الماء كما ينبت البقل، منه ما هو أحمر، ومنه ما هو أبيض، ومنه ما هو أصفر.
قال: [(وليس من الإنسان شيء إلا يبلى، إلا عظماً واحداً -كل شيء في الإنسان يبلى إلا عظمة واحدة وهي عجب الذنب- ومنه يركب الخلق يوم القيامة)] يعني: من عجب الذنب تبدأ إعادة الإنسان في الحياة والبعث مرة أخرى، فنقطة الانطلاق والتكوين والبعث والإعادة والإحياء تبدأ من عجب الذنب، وعجب الذنب: هو العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب وهي كحبة الذرة في نهاية العمود الفقري، وهي التي يسميها العامة: رأس العصعص، وهو أول ما يخلق من الآدمي، كما أنه هو الذي يبقى منه؛ ليعاد تركيب الخلق عليه مرة أخرى.
يعني: هذه القطعة الصغيرة جداً هي التي تتكون ابتداءً في رحم الأم، فإذا مات الإنسان أكل منه كل شيء وبلي من