[عن عائشة رضي الله عنها قالت: (دخلت علي عجوز من عجائز يهود المدينة)] يعني: امرأة يهودية كبيرة في السن دخلت على عائشة في المدينة.
[فقالت: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم)] هذا قول العجوز اليهودية، والعجيب أن اليهودية معتقدها في عذاب القبر أحسن من معتقد الخوارج والمعتزلة! فعقائد المعتزلة والخوارج أفسد من عقائد اليهود في هذا الباب [فقالت عائشة: كذبت، ولم أنعم أن أصدقها)] p=1000043> عائشة تقول لها: أنتِ كذابة، الذي يموت لا يعذب، ولكن عائشة كان عمرها صغيراً، فكان عمرها: تسع سنين، أو عشر سنين، أما بعد ذلك فهي من كبار المحدثات ومن المكثرات في الرواية، وعاشت حتى احتاجت الأمة إلى علمها وفقهها.
[قالت: (فخرجت -أي: خرجت هذه اليهودية من عندها- فلما خرجت دخل النبي عليه الصلاة والسلام على عائشة، فقالت له: يا رسول الله إن عجوزاً من عجائز اليهود دخلت علي فزعمت أن أهل القبور يعذبون في قبورهم؟ فقال: صدقت)].
فلم يقل لها: هذه يهودية بنت كلب، إياك أن تصدقيها! فلم يقل لها ذلك، انظر إلى الحق! وأعظم من هذه اليهودية: الشيطان، فإنه أعظم منها ضلالاً وشيطنة، قال عليه الصلاة والسلام لـ أبي هريرة: (صدقك وهو كذوب) أرأيت إلى العدل! وقال تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران:75]، مع أنهم الكفار، لكن منهم الأمناء، ولا يصح أن يلف الكافر بخرقة ويلقى ولا ينتفع به، بل ينتفع به فيما يمكن الانتفاع به.
وقال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران:75]، أي: إذا كنت واقفاً على رأسه: هات الدينار الذي عندك، وترفعه إلى المحاكم، ومن أهل الكتاب من لو وضعت عنده قنطار ذهب يؤده إليك.
والنبي عليه الصلاة والسلام صدَّق هذه اليهودية، وعائشة معذورة في تكذيبها لها، لأنها طفلة صغيرة في ذاك الوقت.
قالت: [(فقال لي: صدقت.
إنهم يعذبون عذاباً تسمعه البهائم كلها.
قالت: فما رأيته في صلاة قط إلا يتعوذ من عذاب القبر)].
يقول: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر) والحديث في الصحيحين.