قال: [وسئل أبو جعفر محمد بن علي وهو أبو جعفر الباقر عن قول النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن)، فقال: هذا هو الإسلام، ودور دائرة عظيمة، ثم دور دائرة في جوفها أصغر منها، ثم قال: هذا الإيمان].
إذاً: حظيرة الإسلام أوسع من حظيرة الإيمان، والذي يشمله الإسلام لا يلزم أن يشمله الإيمان، لكن الذي يشمله الإيمان لا بد أن يشمله الإسلام من باب أولى، والذي يسلب عنه الإيمان لا يلزم أن يسلب عنه الإسلام، بخلاف الذي يسلب عنه الإسلام لا بد أن يسلب عنه الإيمان من باب أولى.
قال: [هذا الإيمان مقصور في الإسلام، فإذا هو زنى أو سرق خرج من الإيمان إلى الإسلام]، ولا يخرج من الإيمان إلى الكفر، لأن فيه مرتبة لا يتعداها إلا إذا أتى فيها ما يستوجب الخروج عنها.
يعني: يعتبر أن الإيمان دائرة ومن بعده دائرة الإسلام وهو أوسع، ومن بعده دائرة الكفر وهو أوسع الدوائر، فمن خرج من الإيمان ينحط إلى الإسلام، ومن أتى عملاً يناقض الإسلام متعمداً مع قيام الحجة عليه يسقط إلى هاوية الفسق أو الكفر.
ونذكر من الدوائر دائرة الفسق؛ لأنه لا يمنع أن يكون الرجل مؤمناً وفاسقاً، ولا يمنع أن يكون مسلماً وفاسقاً، وهذا الذي تكلمنا عنه منذ قليل فيما يتعلق بارتكاب الكبائر، وأن مرتكب الكبيرة عند أهل السنة مؤمن بطاعته، فاسق بكبيرته أو فاسق بمعصيته.
قال: [فإذا هو زنى أو سرق خرج من الإيمان إلى الإسلام، فإذا تاب رجع إلى الإيمان، ولا يخرجه من الإسلام إلا الكفر بالله]، وأنا أرى النص هذا من أفضل وأوضح النصوص فيما يتعلق بالإيمان والإسلام والكفر، فهو في غاية الأهمية.