قال: [قال الثوري: اتقوا هذه الأهواء، قيل له: بين لنا -رحمك الله- ما هي الأهواء وماذا نجتنب؟ فقال: أما المرجئة فيقولون: الإيمان كلام بلا عمل، من قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله فهو مؤمن مستكمل الإيمان -أي: عند المرجئة- إيمانه على إيمان جبريل والملائكة، وإن قتل كذا وكذا فهو مؤمن، وإن ترك الغسل من الجنابة فهو مؤمن، وإن ترك الصلاة، وهم يرون السيف على أهل القبلة.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: من قال: إنه مؤمن فهو مرجئ.
وقال الأوزاعي: من آمن وعصى إيمانه كإيمان إبليس أشبه منه بإيمان جبريل؛ لأن جبريل آمن وأطاع، وإبليس آمن وعصى.
وقال وكيع: أهل السنة يقولون: الإيمان قول وعمل، والمرجئة تقول: الإيمان قول بلا عمل، والجهمية يقولون: الإيمان المعرفة.
ومر أبو حنيفة بسكران -أي: برجل سكران- فقال له: يا أبا حنيفة! يا مرجئ! -أي: السكران هو الذي يقول لـ أبي حنيفة: يا مرجئ! - فقال له أبو حنيفة: صدقت، الذنب مني، جئت سميتك مؤمناً مستكمل الإيمان]، يعني: أنا المخطئ إذ سميتك مؤمناً؛ لأنه مرتكب كبيرة، وعند المرجئة أن من ارتكب جميع الكبائر إيمانه كإيمان أبي بكر.
فتصور أن أبا حنيفة كان مخطئاً في مذهبه وجاءه شخص سكران فأفاق أبو حنيفة مما هو فيه من الباطل عندما قال له السكران: يا مرجئ! فقال أبو حنيفة: أنا مخطئ إذ جعلت لهؤلاء الناس أشياء لا يستحقونها.