قال المصنف رحمه الله: [وإن ترك أحدهما العمل لعذر أو لا فالكسب بينهما] وذلك لأنهما متفقان على أن الكسب بينهما، فلو قدر على أن أحدهما تخلف يوماً، أو سافر يوماً أو أياماً لأمر عارض، والبقية يشتغلون في هذه الورشة أو في هذه العمارة فإن الكسب بينهم جميعاً، وذلك لأنهم مستوون في أنهم استأجروا هذا المكان وتقبلوا هذه الأعمال، والعادة أنهم يتسامحون فيمن غاب يوماً أو يومين ويعذرونه، سيما إذا كان له عذر، وقد يتغيب لكسل ونحوه، ولا شك أيضاً أنه معذور والكسب بينهم، ولكن لو اتفقا على أن من غاب فإنه يُنوِّبُ من يقوم مقامه لزمه، سيما إذا سافر سفراً بعيداً، أو مرض مرضاً مزمناً أو طويلاً، فإن عليه أن يُنوِّبَ مكانه، وإذا احتاج أحدهما من الشركة أخذ شيء فإنه يكون قرضاً حتى يقتسما فيحسب من نصيبه.
يقول: [ويلزم من عُذر أو لم يعرف العمل أن يقيم مقامه بطلب شريك] .
إذا كان أحدهما مريضاً أو انشغل بعذر، فقال شريكه: المكان يحتاج إلى عمال، فعليك أن تقيم مقامك من يعمل؛ فإن العمل مشروط بيننا نحن جميعاً أن نعمل ويكون الكسب بيننا فيلزمه أن يأتي بعامل على حسابه، ويعطيه أجرته من نصيبه ليقوم مقامه، وهكذا لو لم يكن يحسن الصنعة، فقد لا يحسن بعضهم الحلاقة أو الخياطة، ففي هذه الحال لا مانع من أن يقيم مقامه غيره إذا طالبوه، فإذا قالوا له: أنت لا تحسن هذه الصنعة، لا تحسن التسجيل -مثلاً- إذا كان مسجلاً، ولا تحسن الحياكة، ولا تحسن النجارة، فأنت الآن اشتركت معنا في عمل بدني ولا تشتغل، ونحن الذين نشتغل فيلزمه أن يقيم مقامه في العمل الذي يعجز عنه أو الذي لا يحسنه إذا طالبه بذلك شركاؤه.