قال رحمه الله تعالى: [لا إخراج جناح وساباط وميزاب إلا بإذن إمام مع أمن الضرر] .
الجناح: هو أن يمد على جداره شبه مظلة ويسقفها، وينتفع بهواء الطريق، فيقول: هذا الطريق لا أضيقه، ولكن أنا بحاجة إلى أن أمد أخشابي -مثلاً- أو أمد الصبة وآخذ من الهواء متراً أو متراً ونصف أسقفه وأنتفع به، وأتوسع به في داري.
ويسمى هذا جناحاً ويسمى روشناً، فلا يجوز ذلك إلا بإذن الإمام أو بإذن المسئول، وفي هذه الأزمنة المسئولون هم البلدية، والعادة أنهم يأخذون مقابلاً من أصحاب العمارات على ذلك، فأصحاب العمارات يجعلون الدور الأرضي على حد المأذون لهم، ثم في الدور الثاني يمدون الصبات فتأخذ من الطريق متراً أو نحوه، فهذا المتر يسمى جناحاً ويسمى روشناً، فيؤخذ عليهم مال مقابل ذلك، بشرط ألا يضيقوا الطريق، أما إذا كان ذلك يضيق الطريق بأن كان نازلاً بحيث لو مرت سيارة لاصطدمت به فإنه لا يحق لهم.
وأما الساباط فهو تسقيف الطريق كله، إذا كان الطريق -مثلاً- خمسة أمتار وهو طريق نافذ، فيتفق صاحب هذا الجدار مع جاره المقابل له على أن يسقفا الطريق، فيقول: أنا أبني على الطريق غرفة، وأنت تبني عليه غرفة.
وأجعل صبتي على جدارك وأنت كذلك.
فهل لهما ذلك؟ قديماً كان هذا موجوداً في القرى، وإلى الآن موجود في المباني القديمة داخل البلد، تجد الطريق مسقوفاً كله، والناس يمرون على الطريق وهو مسقوف، وفوقه غرفة أو غرفتين، ويسمى هذا ساباطاً، فلا يجوز هذا؛ لأنه تملك لشيء مشترك وهو هواء هذا الطريق الذي هو للمارة، لكن يجوز بإذن الإمام.
فأما الميزاب الذي يصب معه السيل ويسمى ثعباناً أو مثعباً.
فهذا ضروري للناس، إذا جاء السيل وصب من الدار يصب على الطريق، وهل يجوز جعل هذه الميازيب تصب في الطريق؟ يجوز بإذن الإمام إذا لم يكن فيها ضرر، وأما إذا كان فيها ضرر أو لم يأذن فيها الإمام فلا يجوز في هذه الحال، والناس في هذه الأزمان يجعلون على بيوتهم الأنابيب التي تمتد من السطح إلى الأرض، ولا يكون فيها ضرر، وأما الميازيب التي تصب في وسط الطريق فإنه قد يكون فيها ضرر، فقد تصب مياهاً أو سيلاً أو نحو ذلك فيتضرر المشاة، فإذا أذن فيها الإمام ولم يكن فيها ضرر من سعة الطريق جاز، وأما إذا تضرروا ففي إمكانهم أن يحفروا طرف السطح إلى إن يصل إلى الأرض لينصب الماء من السطح مع ذلك المكان المحفور في وسط الجدار إلى الأرض، فلا يكون في ذلك ضرر.
وهذا كله إذا كان الدرب نافذاً، وذلك لأنه مشترك بين المسلمين.
ومما يلحق بذلك منع أخذ شيء من الطريق، وذلك لأن الطريق مشترك، ونجد أن بعض الناس يأخذون من الطريق -مثلاً- متراً عتبة أو ثلاث عتبات من الطريق، وهذا خطأ، فالطريق مشترك بين الناس ولو كان واسعاً، وقد تضايق الناس هذه العتبات التي تأخذ متراً، وربما يصطدم فيها إنسان، وربما تصطدم فيها سيارة، فلذلك تزال، لكن إن كان الطريق واسعاً كبيراً فلا بأس بذلك، سيما إذا كان هناك أرصفة في أطراف الطريق، فلا تحصل مضايقة على أهل السيارات ونحوها.
وكانوا قديماً يأخذون من الطريق نحو ذراع اليد، ويجعلونه كالكرسي ويسمونه حبساً، ويجلسون عليه كما يجلسون على الكراسي، وهذا يجوز إذا كان الطريق واسعاً، وإلا فالأصل أنه إذا كان ضيقاً فلا يجوز.
يقول: [وفعل ذلك في ملك جار ودرب مشترك حرام بلا إذن مستحق] .
لا يجوز للجار أن يخرج جناحاً أو ميزاباً أو ساباطاً، وذلك لأنه تملك لملك الغير إذا كانت هذه الأرض التي فتحت عليه في ملك جاره، وكذلك الدرب المشترك الذي تقدم في الدرب النافذ، وأما الدرب المشترك المسدود آخره.
فلا يجوز أن يفتح به باباً أو ساباطاً أو جناحاً إلا بإذن المستحق، فيشترط أن يأذن له الأهل كلهم، أو الذين يطرقونه، أما الذين لا يأتي إليهم فإنهم لا ضرر عليهم، فإذا كان الدرب المشترك فيه خمسة أبواب من هنا وخمسة أبواب من هنا، وهو مسدود في نهايته، فصاحب الباب الثالث أراد أن يجعل دكة أو يجعل ساباطاً أو يجعل جناحاً أو ميزاباً فمن الذي يمنعه؟ يمنعه الذين وراءه، وأما الذين قبله فليس لهم أن يمنعوه، فإذا أذن له أهل البيتين اللذين في أقصى الطريق فإنه يجوز له.