قال: [وإن أنفق على الرهن بلا إذن الراهن مع إمكانه لم يرجع] .
إذا كان الرهن يحتاج إلى نفقة، وكان -مثلاً- ليس فيه منفعة، مثل الثور فإنه لا يركب ولا يحلب ولكن يحتاج إلى نفقة العلف، فأنفق عليه بلا إذن مع إمكان أن يستأذنه فإنه لا يرجع، فإذا أذن له الراهن وقال: أنفق عليه واحسب علي نفقته وصار ينفق عليه كل يوم بريال علفاً فإنه يرجع به على الراهن، وأما إذا لم يستأذن مع قدرته على الاستئذان فلا يرجع، بل يذهب عليه ما أنفقه، وذلك لأنه أنفق عليه حماية لماله، يقول: لو لم أنفق عليه فإنه سيموت، وإذا مات ضاع مالي، فأنا ما حفظته إلا كوثيقة لعله إذا حل ديني أبيعه وأستوفي من ثمنه ديني.
وهكذا إذا أنفق على الرهن وهو ليس حيواناً، مثل شجر يحتاج إلى سقي، فأنفق عليه مع إمكان استئذان الراهن فلا يرجع، وكذلك لو كان الرهن شيئاً يسرع فساده كالخضار مثلاً، ففي هذه الحال يبيعه إذا خشي أن يفسد ويحتفظ بثمنه، فيبيع الفواكه ويبيع الخضار إذا خشي أنها تتلف، وكذلك لو كان الرهن مثلاً أكياساً وكانت في مستودع بأجرة، فإن الأجرة على الراهن، فلو خشي أن هذا المستودع يسقط فأتى بعمال ونقلوه من هذا المكان إلى مكان آخر مأمون ففي هذه الحال عليه قبل ذلك أن يستأذن الراهن ويقول: ائذن لي أن آتي بعمال وآتي بحمالين ينقلونه حتى لا يذهب؛ فإني أخشى عليه من سيل -مثلاً-، أو من غرق، أو من هدم.
فإذا نقله ولم يستأذن المالك فلا أجرة له، ولا يرجع بهذه النفقة، أما إذا لم يقدر على الاستئذان، كما لو كان الراهن بعيداً ولا يمكن استئذانه، أو جاء أمر باغت كسيل -مثلاً- وكان لا بد أن ينقل هذا المستودع إلى مكان آخر قبل أن يدخل عليه السيل، أو وقع حريق مثلاً وخشي أن يناله فنقله إلى مكان آخر واستأجر عمالاً، ففي هذه الحال يرجع، وبأي شيء يرجع؟ يرجع بالأقل مما أنفق، أو من أجرة المثل أو نفقة المثل، فإذا قال: إني استأجرت عمالاً خوف الحرق والغرق بمائتين حتى لا يتلف المال فنظرنا وإذا أجرة النقل العادية لا تزيد عن مائة فنقول: إنك تسرعت، ولو طلبت من ينقله بمائة لوجدت، فأنت تسرعت فلك مائة وإن وجدنا أنه لا ينقل مثله إلا بثلاثمائة وقد نقله بمائتين فليس له إلا المائتان، ولا يقول: إني أستحق ثلاثمائة؛ لأنك ما دفعت إلا مائتين وفي هذه الحال أيضاً لا يرجع إلا إذا أنفقه وفي نيته أن يرجع إلى الراهن، وأما إذا لم ينو فلا حق له في الرجوع.