يقول رحمه الله: [والإقالة فسخ تسن للنادم] .
(تسن) يعني: تستحب، وقد ورد فيها حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أقال نادماً بيعته أقال الله عثرته) ؛ وذلك لأن الإنسان قد يشتري الشيء أو يبيع الشيء ثم يندم، فيأتي إلى الطرف الثاني ويقول: أقلني، فإني قد ندمت.
فيسن أن يقبل ذلك، وأن يقيله البيع، فإذا بعت -مثلاً- دارك، ثم تبين أنك لا تستغني عنها، وقد استلمت الثمن، وندمت على ذلك، فجئت إلى المشتري وقلت: إني قد ندمت، وتبين أني خاطئ في هذا البيع، أقلني أقال الله عثرتك.
فيستحب أن يقيلك، فيرد عليك بيتك.
وهكذا العكس: لو أن المشتري ندم، اشترى البيت -مثلاً- بخمسمائة ألف، ثم ندم وتبين أنه لا حاجة له إليه، أو أنه مستغن عنه، أو أنه كثير الثمن، فجاء إلى البائع وقال: قد ندمت، فأقلني، خذ بيتك، ورد علي دراهمي.
فهل يلزم البائع؟ لا يلزمه، ولكن يستحب له؛ وذلك لأن البيت قد دخل في ملك المشتري، والثمن قد دخل في ملك البائع، وكل منهما صح له تصرفه فيما صار إليه، فقبوله الإقالة يعتبر تسامح منه، وليس بلازم.
واختلف: هل الإقالة بيع أو فسخ؟ والراجح: أنها فسخ؛ لأنها رد للبيع الأول، وليست بيعاً مستأنفاً، وهناك من يقول: إنها تعتبر بيعاً، وكأنه اشترى منك البيت، فهو -مثلاً- باعك البيت بخمسمائة، ثم لما ندمت قبله منك وأعطاك الخمسمائة، فكأنه اشتراه منك بخمسمائة، ويترتب على ذلك مسائل ما ذكرت هنا، والله أعلم.