والخلطة في بهيمة الأنعام تصير المالين كالواحد، ولكن يكون بشرطها، وليس هناك شيء من الأموال تكون فيه الخلطة مؤثرة إلا في بهيمة الأنعام، أما في غيرها فإنها لا تؤثر، فمثلاً: إذا زرع اثنان على بئر ولما حصدا كان نصيب كل واحد منهما أقل من النصاب، ففي هذه الحالة لا زكاة عليهما، ولو كان مجموعهما نصاباً؛ لأن كل واحد منهما يستقل بنصيبه، وكذلك أيضاً لو اشترك ثلاثون فجاءوا بألف وخمسمائة، ومع ذلك ما ربحت تجارتهم ولا زادت ولا نمت، فتم الحول وإذا نصيب كل واحد منهم أقل من النصاب، فلا زكاة على أحد منهم، فأما إذا ربحوا وصار نصيب كل واحد منهم نصاباً أو أكثر فإن فيه الزكاة.
وأما بهيمة الأنعام فإن الخلطة تصير المالين كالواحد، فلو كان هناك ثلاثة، كل واحد له أربعون شاة، ثم اشتركوا واختلطوا طوال السنة، وتمت السنة وليس لهم إلا أربعون، أربعون، أربعون فالمجموع مائة وعشرون، فليس عليهم إلا شاة واحدة يتقاسمون ثمنها، وكذلك إذا وجد رجلان لكل واحد منهما أربع من الإبل واختلطوا في الحول كله فعليهم زكاة، ولو افترقا لم يكن عليهما زكاة، فالأربع ليس فيها زكاة.
وكذلك إذا كان لواحد مائة وخمس من الغنم، ولواحد مائة وخمس واختلطوا، فأصبحت مائتان وعشر فعليهم ثلاث شياه، ولو لم يشتركوا فليس عليهم إلا شاتان، فالخلطة تؤثر.
وذكر الفقهاء للخلطة شروطاً وهي: أن يكون الراعي واحداً، وأن يكون المشرب واحداً، فيسقونها في حوض واحد وبدلو واحد، ويكون المبيت في مكان واحد، بحيث تبيت في حضيرة واحدة، أو في سور واحد، ويكون مكان الحلب واحداً، فهؤلاء يأتون ويحلبون فيه وهؤلاء يأتون ويحلبون فيه، وليس شرطاً أن يخلطوا الحليب في إناء، فكل واحد منهم يعرف أغنامه فيحلبها ويختص بها، فإذا اختلطوا في المرعى والمحلب والمبيت والحوض تمام الحول فإنهما يصيران كواحد.
ثم لا يجوز أن يتفرقوا لأجل الزكاة، فلو كانوا ثلاثة لكل واحد ثلاثين وخلطوا طول الحول، ولما أقبل العامل تفرقوا، وكل واحد منهم عزل غنمه وقال: ما عندي إلا ثلاثين وليس عليّ زكاة، فهذا لا يجوز، فإذا اختلطوا طوال الحول فلا يتفرقون لأجل الفرار من الزكاة.
وكذلك أيضاً لا يجتمعون لتقل الزكاة عليهم، كما لا يجوز جمعهم لتزيد عليهم الزكاة، فإذا كان عند هذا سبعون، وعند هذا ثمانون، السبعون فيها شاة والثمانون فيها شاة، فلا يجوز للعامل أن يجمعهم فيقول: اجتمعوا حتى آخذ منكم ثلاث شياه؛ لأنكم إخوة، فلا يجمعهم العامل لأجل أن تزيد الزكاة، وقد ورد في الحديث: (ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الزكاة، بل يزكي كل على ما كان عليه) .
ثم إذا كان أحد الخليطين ليس من أهل الزكاة، يعني: إذا كان أحد الخلطاء كافراً ذمياً، أو ليس له مال كالمكاتب فالصحيح أنه لا أثر لخلطته؛ لأن ماله ليس زكوياً.