هل ما يدركه المسبوق أول صلاته أو آخرها

هل ما يدركه المسبوق أول صلاته أو آخرها؟ في ذلك خلاف، وأكثر الفقهاء على أن ما يدركه المسبوق هو آخر صلاته، وما يقضيه هو أولها، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: (فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا) قالوا: والقضاء يحكي الأداء، وهو دليل على أن ما فاته هو أول صلاته، فيقضيها على صفتها، يقضي ما فاته على أنه أول صلاته.

وسبب الخلاف في هذه المسألة اختلاف رواية الحديث، ففي رواية: (وما فاتكم فأتموا) ، وفي رواية: (وما فاتكم فاقضوا) ، أخذ أكثر الفقهاء برواية: (فاقضوا) ، والذين قالوا: إن ما يدركه هو أول صلاته استدلوا برواية: (وما فاتكم فأتموا) ، وهي أرجح من رواية: (فاقضوا) من حيث السند، ويمكن أن تحمل رواية: (فاقضوا) على الإتمام لقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ} [الجمعة:10] يعني: أكملت وأتمت، فيترجح أن المسبوق إذا أدرك الإمام في ركعة عد هذه الركعة أول صلاته، وإذا قام ليقضي جاء بالركعة التي بقيت عليه.

الذين قالوا: إن ما يدركه المسبوق هو آخر صلاته تناقضوا، فقالوا: إذا أدرك ركعة من الظهر أو من العشاء ثم قام ليأتي بما فاته فإنه يصلي معها ركعة ثم يتشهد، مما يدل على أنه قد كمل ركعتين، وبعد الركعتين يتشهد ثم يأتي بركعتين بدون قعود بينهما، فنقول لهم: هذا تناقض، لو كان ما يقضيه هو أول صلاته، لقلنا له: فاتك ثلاث ركعات، هذه الثلاث اثنتان سرداً وواحدة فرداً، فإذا قمت تقضي الثلاث فائت بثنتين سرداً لا تجلس بينهما، ثم ائت بالثالثة وتشهد بعدها وسلم، فتكون مثل المغرب، فأما إذا ألزمتموه إذا أدرك ركعة أن يتشهد بعد الأخرى، وأن يسرد الركعتين الباقيتين بدون جلوس بينهما، فهذا يدل على أن الركعة التي أدركها هي أول صلاته.

فالراجح أن ما يدركه هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها؛ وذلك لأن الأول حساً لا يمكن أن نجعله الآخر، فأول شيء أدركه هو هذه الركعة التي مع الإمام، وإن لم يتمكن من أن يقرأ فيها بعد الفاتحة فإنها سقطت القراءة بعد الفاتحة كما تسقط قراءة الفاتحة إذا أدركه راكعاً.

وتوسط بعضهم وقال: نأمره إذا قام ليقضي أن يقرأ مع الفاتحة سورة حتى يدرك ما فاته حقاً؛ لأنه إذا فاته الركعتان اللتان فيهما قراءة الفاتحة وسورة، والركعتان اللتان أدركهما ليس فيهما إلا قراءة الفاتحة، فإذا قام ليقضي قلنا له من باب التدارك أن يقرأ في المقضيتين الفاتحة وسورة حتى يتدارك ما فاتك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015