بأي شيء تدرك الركعة؟ يعني: متى يكون الإنسان مدركاً الركعة التي يعتد بها من صلاته؟ في ذلك خلاف: القول الأول: أنه يدركها بإدراك الركوع، فإذا أدرك الإمام راكعاً، وأدرك معه قول: سبحان ربي العظيم قبل أن يتحرك للرفع من الركوع؛ أدرك الركعة واعتد بها؛ وذلك لأنه أدرك معظمها، والشيء يدرك بإدراك معظمه، فإذا أدرك الركوع ثم أدرك القيام بعده ثم أدرك السجدتين وأدرك الجلسة بينهما؛ فقد أدرك أكثر الأركان، ولم يفته إلا ركن القيام الأول، وقراءة الفاتحة، فيكون مدركاً للركعة لإدراكه أكثرها.
القول الثاني: أنه لا يدرك الركعة إلا إذا أدرك الإمام قائماً وتمكن من قراءة الفاتحة، ويختار هذا القول البخاري في جزء القراءة خلف الإمام، وينقله أيضاً عن بعض العلماء المتقدمين.
ولكن المشهور أنها تدرك بإدراك الركوع، فإذا أدركه راكعاً ولم يشك في أنه ركع وكبر للتحريمة وهو قائم، فقد أدركها، بأن انحنى وتمكن من قول (سبحان ربي العظيم) قبل حركة الإمام للرفع، وأما إذا شك هل رفع الإمام قبل أن أركع؟ وهل أنا سبحت قبل أن يتحرك؟ ففي هذه الحال يقضيها احتياطاً للعبادة.
يلاحظ أن كثيراً يأتون مسرعين إذا جاءوا والإمام راكع، ويكبر أحدهم وهو منحي للتحريمة، وهذا لا يصح، ولا بد أن يقف ثم يكبر تكبيرة الإحرام ثم ينحني راكعاً، وأما قصة أبي بكرة أنه ركع قبل الصف فلم يذكر أنه كبر وهو منحنِ، جاء وهم ركوع، ولما حاذى الصف كبر وركع ومشى على حالة الركوع حتى اتصل بالصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (زادك الله حرصاً ولا تعد) أي: لا تعد أن تكبر قبل أن تصل إلى الصف، ولم يأمره بالإعادة؛ لأن الحركة يسيرة خطوة أو خطوتين.
إذا جاء والإمام راكع وكبر ناوياً تكبيرة الإحرام أجزأته وسقطت عنه تكبيرة الركوع، ولكن يسن أن يأتي بتكبيرتين: تكبيرة الإحرام وهو قائم، وتكبيرة للركوع وهو منحنٍ، هذا هو الأفضل.