قال: (ومن استعداه على خصم في البلد بما تتبعه الهمة لزمه إحضاره إلا غير برزة) يظهر أن (إلا) زائدة، والصواب (لزمه إحضاره غير برزة فتوكل كالمريض) ، وهنا كتبها بزرة، والصواب: برزة، أي: إلا المرأة التي ليست برزة، وهي التي تستحي ولا تبرز للناس، فغير البرزة توكل، أما البرزة التي معها جرأة تخرج وتكلم وتحتج فإنه يلزمها أن تحضر.
والاستعداء الشكاية، فإذا جاء إلى القاضي رجل وقال: إن فلاناً خصمي، أريد أن تحضره، وهو موجود في البلد، وقد ظلمني بكذا وكذا، فإذا كانت المظلمة مالاً له قيمة وله قدر تتبعه همة الناس يلزم القاضي إحضار ذلك الخصم، وفي هذه الأزمنة يكون الاستعداء للشرط، أو أمراء البلد، فهم الذين يستعديهم المظلوم، ويقول: إن فلاناً ظلمني، فإذا كان كذلك فإن على القاضي أن يرسل من يحضره فيقال له: يا فلان أجب القاضي فإن فلاناً قد اشتكاك، احضر وإن لم تحضر فإننا سنعاقبك، فيلزمه أن يحضر إذا كان المال مما تتبعه الهمة.
أما غير البرزة فلا يحضرها بل توكل، يعني: المرأة التي تستحي من الناس -غير برزة- توكل؛ لأنها تستحي أن تحضر، وكذلك المريض، إذا قال: إن فلاناً مريض وعليه لي حق قدره كذا وكذا مما تتبعه الهمة، فإنه في هذه الحال يوكل؛ لأنه يشق عليه الحضور.
وكذلك أيضاً: من كان بعيداً، أي: خارج البلد فإنه يوكل؛ لأن عليه مشقة في الحضور.
وإذا وجبت اليمين على غير البرزة، أو على الغائب، أو على المريض فلا يحلف الوكيل؛ لأن الحلف يتعلق بالذمة، بل يرسل القاضي من يحلفهما، فيرسل إلى المرأة التي ليست برزة: احلفي على كذا وكذا، ويرسل إلى المريض: احلف على كذا وكذا، فيحكم بعد ذلك بما يوجب ذلك.