ليس لصلاة الليل حد، فلا تقتصر على عدد، وأما ما ذكرت عائشة من أنه صلى الله عليه وسلم ما زاد على إحدى عشرة ركعة فهذا في الغالب، فكان في الغالب لا يزيد، ولكن قد ورد أنه زاد في حديث آخر عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس) .
فأثبتت عائشة الزيادة، وكذلك أثبتها ابن عباس في حديث مبيته عند خالته فقال: (فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم أوتر) أي: صلى ثلاث عشرة ركعة مع أن صلاته استغرقت نصف الليل؛ لأنه يقول.
فلما كان نصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل قام، فذكر أنه استمر يصلي الليل كله ثلاث عشرة ركعة، أي: استغرقت تقريباً ست ساعات إذا كان الليل اثنتي عشرة ساعة، أو أربع ساعات ونصف إذا كان الليل تسع ساعات، ولا شك أن هذا دليل على أنه كان يطيل في أركانها.
والأصل أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد النوم، فقد كان صلى الله عليه وسلم لا يتحدث بعد العشاء، بل ينام بعدها مباشرة، ثم يقوم آخر الليل، وبذلك فسر قوله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} [المزمل:6] وهي: القيام بعد النوم، {هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل:6] .
وعلى كلٍ فصلاة الليل أفضل من صلاة النهار، صلاة النهار مثل التطوع في الضحى، وهي مندوبة، ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتاً في الجنة) ، وفيه أحاديث تجدونها في زاد المعاد وغيره.
وسبب شرعيتها أن ساعة الضحى ينشغل الناس بحرفهم وبتجاراتهم، فالذي يتطوع في ذلك الوقت يكون متفرغاً لعبادة لا يشركه فيها إلا قليل كالذي يتهجد في آخر الليل وقت نوم الناس، فيصلي بالليل والناس نيام.