ذكر المؤلف حكم صلاة الليل زيادة على الوتر، يقول: (تسن صلاة الليل بتأكد، وهي أفضل من صلاة النهار) ، يعني: أنها مؤكدة، وقد كانت مفروضة على النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل:2] ، ولقوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء:79] يعني: زائدة في حقك، أو أنها تعتبر نافلة ولكنها مؤكدة، وقد كثرت الأدلة عليها، وصنفت فيها المؤلفات، منها كتاب لبعض المتأخرين طبع في مجلدين عنوانه (رهبان الليل) أطال الكلام في فضل التهجد، والأدلة فيه، وصفته، وما إلى ذلك.
وليس لصلاة الليل حد محدود؛ لأن الله تعالى أطلق في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان:64] ، ولم يحدد لهم عدداً، فيجوز لهم أن يتنقلوا من قيام إلى ركوع إلى سجود إلى قراءة سجداً وقياماً، وقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا} [الزمر:9] آناء الليل: يعني ساعات الليل، ووصف الله نبيه وأصحابه بقوله: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ} [المزمل:20] يعني: قريباً من ثلثي الليل {وَنِصْفَهُ} [المزمل:20] أي: وتقوم نصفه {وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} [المزمل:20] أخبر أن هذا هو حالهم، ووصف الصحابة رضي الله عنهم بذلك الشاعر في قوله: بالليل رهبان وعند جهادهم لعدوهم من أشجع الأبطال أي: أنهم في الليل يصلون ويتهجدون ويدعون ربهم ويتضرعون إليه، ويكثرون من العبادة.