ذكر المؤلف أن التراويح عشرون ركعة، وتسن الوتر معها جماعة، ووقتها بين سنة العشاء والوتر، هذا هو الصحيح، ولم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم فيها عدداً، ولكنه كان يأمرهم بقيام رمضان، ويحثهم على القيام ويرغبهم فيه، ثم صلى بهم ثلاث ليال، وخشي أن يفترض عليهم قيام الليل، ثم أمرهم أن يصلوا لأنفسهم، وفي عهد عمر رضي الله عنه رآهم يصلون أوزاعاً، ورأى أن بعضهم لا يحسن القراءة؛ فجمعهم على إمام ورأى أن ذلك أفضل من صلاتهم متفرقين، والصحابة قد صلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم جماعة صلاة التراويح، فهي سنة نبوية تركها صلى الله عليه وسلم خشية أن تفترض، وأمر عمر بفعلها بعد موته عليه الصلاة والسلام، وبعد الأمن من أن تفترض، فأصبحت سنة مؤكدة.
سميت تراويح؛ لأنهم كانوا يطيلون فيها القراءة، كانوا يقرءون مثلاً سورة البقرة في ثمان ركعات، وإذا قرءوها في اثنتي عشرة ركعة رأوا أن ذلك تخفيفاً، فكانوا يقرءون مثلاً في الليلة الأولى سورة البقرة وسورة آل عمران وسورة النساء، وفي الليلة الثانية يقرءون من المائدة إلى آخر التوبة، وفي الليلة الثالثة من أول يونس إلى آخر النحل، وفي الرابعة من أول الإسراء إلى آخر الفرقان، وفي الخامسة من الشعراء إلى آخر يس، وفي السادسة من الصافات إلى آخر الحجرات، ويختمون في السابعة، وهذا يسمى تحزيب القرآن، فكانوا يطيلون صلاة التراويح، ويصلونها كل ركعتين بسلام، فإذا صلوا أربع ركعات استغرقت مثلاً ساعة؛ فيستريحون بعدها، ثم يصلون أربعاً تستغرق ساعة فيستريحون بعدها، وهكذا إلى أن يتموا العشرين؛ فسموها تراويح بسبب الاستراحات التي بعد كل أربع ركعات.
يقول: (والوتر معها) فتكون مع الوتر ثلاثاً وعشرين، وفي هذه الأزمنة غلب الكسل على أكثر الناس فصاروا يقتصرون على ثلاث عشرة، ثم غلب الكسل فصاروا يقتصرون على إحدى عشرة إلا في الحرمين فلا يزالون يصلون عشرين ركعة مع الوتر، ولكنهم يخففون ويقتصرون على قراءة جزء واحد نظراً لكثرة المصلين.