أما الرجم فلابد أن يكون الزاني محصناً، فإذا زنى وهو محصن فإنه يرجم حتى يموت، والرجم قذفه بالحجارة، تكون الحجارة ملء الكف أو أصغر، ويكون الزاني واقفاً أو جالساً، ويقيد حتى لا يهرب على الصحيح، ثم الذين يرجمونه يرجمونه في كل مكان؛ لأنه سوف يرجم إلى أن يموت، فلو أصاب الحجر رأسه فلا إثم في ذلك، كما في قصة الغامدية، ابتدءوا برجمها في رأسها، ولما رجمها خالد بن الوليد وأصاب الرأس فنزف الدم عليه سبها، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم) يعني: لا تسبها، وقال لـ عمر: (وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى؟!) ، ولذلك صلى عليها.
والرجم يكون مع كل جهة، فيصيب الحجر الوجه والرأس، ويصيب القلب والبطن، ويصيب الجنب، ويصيب الكلية، ويصيب الفرج، يرجمونه إلى أن يموت، فإذا مات تحت الحجارة كان ذلك هو حده وعقوبته.
والرجم كان موجوداً في شريعة اليهود، ولما زنى منهم اثنان عند ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبروه بما عندهم، فأخبروه بغير الصحيح، وكان عبد الله بن سلام يعرف أن الرجم موجود في التوراة، فجيء بالتوراة فنشروها، يقول بعضهم: فوضع أصابع يده على آية الرجم وقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال ابن سلام: ارفع يدك، فإذا آية الرجم تلوح، فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم.
ثم اعتذروا وقالوا: إن الزنا كثر فينا، وكثر في أشرافنا، فزنى أحد أقارب بعض الملوك فتركوه ولم يقيموا عليه الحد، ثم زنى أحد الضعفاء والفقراء، فأرادوا أن يرجموه، فقال قومه: لا يرجم حتى يرجم فلان، فاصطلحوا على عقوبة يقيمونها على الصغير والكبير، والشريف والوضيع وهي التحميم، أي: يحممون وجهه بسواد ويركبوهما -الزاني والزانية- على حمار مقلوبين، ويطوفون بهما في الناس قائلين: إن هذا قد فعل كذا وكذا فلما ظهر أنهما يرجمان قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم! إني أحييت سنة قد أماتوها) ، وروي أنه وجد في القرآن آية كانت من المنسوخ، فذكروا عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (إن مما أنزل الله آية الرجم، قرأناها وسمعناها، ورجم النبي صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى أن يطول بالناس زمان فيقولوا: لا نجد الرجم في القرآن، فيضلوا بترك سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، فالرجم مشروع وعقوبة شرعية.