قال رحمه الله تعالى: [فصل: ويجب بعمدٍ القود أو الدّية, فيخيّر وليٌّ, والعفو مجّانًا أفضل.
ومتى اختار الدّية أو عفا مطلقًا أو هلك جان تعيّنت الدّية، ومن وكل ثم عفا ولم يعلم وكيل حتى اقتص فلا شيء عليهما، وإن وجب لقن قود أو تعزير قذف فطلبه وإسقاطه له، وإن مات فلسيده، والقود فيما دون النفس كالقود فيها، وهو نوعان: أحدهما في الطّرف, فيؤخذ كلٌّ من عين وأنف وأذن وسنّ ونحوهما بمثله بشرط مماثلة, وأمن من حيف، واستواء في صحّة وكمال.
الثّاني: في الجروح, بشرط انتهائها إلى عظم كموضحة وجرح عضد وساق ونحوهما.
وتضمن سراية جناية لا قود, ولا يقتصّ عن طرف وجرح, ولا يطلب لهما ديةٌ قبل البرء.
فصل: ودية العمد على الجاني, وغيرها على عاقلته، ومن قيّد حرًّا مكلّفًا أو غلّه أو غصب صغيرًا فتلف بحيّة أو صاعقة فالدّية, لا إن مات بمرض أو فجأةً.
وإن أدّب امرأته بنشوز، أو معلّمٌ صبيّه, أو سلطانٌ رعيّته بلا إسراف فلا ضمان بتلف من ذلك، وإن أمر مكلفاً أن ينزل بئراً أو يصعد شجرة فهلك به لم يضمن، ولو ماتت حامل أو حملها من ريح طعام ونحوه ضمن ربه إن علم ذلك عادة.
فصل: ودية الحر المسلم مائة بعير، أو ألف مثقال ذهباً، أو اثنا عشر ألف درهم فضة، أو مائتا بقرة، أو ألفا شاة، فيخير من عليه دية بينها، ويجب في عمد وشبهه من إبل ربع بنت مخاض وربع بنت لبون وربع حقه وربع جذعة، وفي خطأ أخماساً، ثمانون من المذكورة وعشرون ابن المخاض، ومن بقر نصف مسنات ونصف أتبعة، ومن غنم نصف ثنايا ونصف أجذعة، وتعتبر السلامة لا القيمة، ودية أنثى نصف دية رجل من أهل ديتها، وجراحها تساوي جراحه فيما دون ثلث ديته، ودية كتابي حر نصف دية مسلم، ومجوسي ووثني ثمانمائة درهم، ودية رقيق قيمته، وجرحه إن كان مقدراً من الحر فهو مقدر منه منسوباً إلى قيمته، وإلا فما نقصه بعد برء، ودية جنين حرّ غرّةٌ موروثةٌ عنه قيمتها عشر دية أمّه , وقنّ عشر عشر قيمتها، وتقدر حرة أمة، وإن جنى رقيق خطأ أو عمداً واختير المال، أو أتلف مالاً بغير إذن سيده خير بين فدائه بأرش جناية، أو تسليمه لوليها] .
تكلم المؤلف أولاً على ما يجب بقتل العمد، ثم بعد ذلك على من تجب عليه الدية، ثم بعد ذلك على مقادير الدية.
يقول: [ويجب بعمدٍ القود أو الدية، فيخير ولي] .
قد ذكرنا قصة الهذلي الذي قتل بمكة في سنة ثمان، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يقتل وإما أن يدى) إما أن يقتل القاتل وإما أن يطلب الدية.