وكل ما تقدم يتعلق بالنفقة التي هي الأكل والشرب؛ لأنه ضروري، والناس فيه على ما اعتادوا، فبعضهم يكتفون بالأكل مرة واحدة في اليوم والليلة، وهذا في بعض البلاد سيما الفقراء والضعفاء ونحوهم، وفي بعضها يأكلون كل يوم أكلتين: أكلة في النهار، وأكلة في الليل، وكأن هذا هو المعتاد غداء وعشاء، هذا هو الذي كان معروفاً في القرون الماضية بين المسلمين وغيرهم: أكلتان كل يوم.
جاءت هذه الأزمنة المتأخرة فصاروا يأكلون ثلاث أكلات: أكلة في الصباح، وأكلة في وسط النهار قريباً من بعد الظهر، وأكلة في الليل.
فالنفقة تكون على عرف أهل كل بلد، فإذا كانوا يأكلون أكلتين وفر لها الأكلتين، وإذا كانوا يأكلون ثلاثاً وفر لها الثلاث، والأصل والعادة أنه يوليها مفاتح خزائنه التي فيها الطعام والشراب، وهي في هذه الحال تأخذ لنفسها ما تريد، ولكن الشيء الذي لا يكون متوفراً عليها أن تطلبه مثل اللحم، وقديماً كانوا يشترونه يومياً قبل وجود آلات الثلاجات، وكذلك الفواكه والخضار يشترونها يومياً، فإذا كان في بلاد ليس فيها ثلاجات ونحوها فإنه يلزمه أن يؤمن ذلك لها كل يوم، وإلا فكل أسبوع كما في هذه البلاد ونحوها.
وإذا اعتادت على أكل لحم من نوع خاص كسمك أو طير كدجاج أو حمام أو نحو ذلك، فإن عليه أن يوفره إذا كان قادراً؛ لأن هذا مما اعتاده أهل البلد.