المحرمية المترتبة على الرضاع تكون في حق الرضيع وفروعه فقط

سبب هذه القرابة: الرضاعة، الطفل في حال صغره يتغذى على هذا اللبن، وينبت عليه لحمه وعظمه، فلما نبت على هذه الرضاعة من هذه المرأة كانت هذه المرأة كأنها أنبتت لحمه من لبنها، فصار لبنها سبباً في نباته وتغذيته، فأصبح لها حكم الأمومة، وأصبحت كأنها أم له في هذه المحرمية، فكان لها حق الاحترام، وكان لها حق الأمومة، وحرم عليه نكاحها، وألحقت بمحارمه من النسب، وألحق بها -أيضاً- أقاربها الذين هم إخوتها وأخواتها ونحوهم.

يقول هاهنا: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب على رضيعٍ وفروعه وإن نزل) .

المحرمية تكون على الرضيع لا على أصوله، ولا على حواشيه، فأنت إذا رضعت من امرأة تصير هي أمك، فإخوتك أجانب لها، ولهم أن يتزوجوها، وأن يتزوجوا من بناتها وأخواتها، أما أنت فلا تتزوجها ولا تتزوج من بناتها، وأولادك مثلك؛ لأنهم أولاد ابنها، ويصيرون محارم لها، وبناتها -أيضاً- محارم لأولادك.

كذلك أبوك وأجدادك أجانب منها، فالمحرمية تتعلق بالرضيع، فهو الذي يكون ابناً لها، وكذلك أقاربها، فأختها خالته من الرضاعة؛ لأنها أخت أمه، وأمها وجدتها كجدتك من النسب، كذلك خالتها تصير كخالة أمك، وتصير محرماً لك، ألست محرماً لخالة أمك؟ خالة أمك من الولادة تكشف لك، وعمة أمك من الولادة تكشف لك، فهكذا -أيضاً- خالة أمك من الرضاع، وعمة أمك من الرضاع، وزوجها الذي رضعت منها وهي في ذمته هو الذي تسبب في وجود هذا اللبن، فيكون أباك من الرضاع، وكذلك إخوته أعمامك من الرضاع.

وتذكرون قصة أفلح أخي أبي القعيس عندما استأذن على عائشة فامتنعت من الإذن له، وقالت: إن أبا القعيس ليس هو أرضعني، وإنما أرضعتني امرأة أبي القعيس، فقال لها: أرضعتك امرأة أخي أي: بلبن أخي، اللبن لـ أبي قعيس، فهو الذي تسبب في وجوده.

امرأة أبي القعيس أرضعت عائشة، فأصبحت المرأة أم عائشة، وأصبح أبو القعيس أبا عائشة، وأصبح أخوه الذي اسمه أفلح عمها، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم وسألته قال: (ائذني له؛ فإنه عمك من الرضاعة) .

هذا دليل على أن أقارب المرضعة وأقارب زوجها يكونون محارم للرضيع، وبناتها أخواته، وكذلك بنات بناتها وإن بعدن، كذلك أخواتها خالاته، جداته عماتها، وزوجها أبوه، وأخوات زوجها عماته، وكذلك إخوانه أعمامه، وأعمامه أجداده، وعماته جداته، وخالاته كذلك وهكذا: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015