قرابة الرجل قسمان: النسب والصهر، قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان:54] ، أخبر بأنه خلق الإنسان من الماء، وأخبر بأنه جعله قسمين أو نوعين، أي: جعل القرابة نوعين: قرابة نسب، وقرابة صهر، فالنسب هم الآباء والأجداد والإخوة والأخوات، وأبناء الإخوة وأبناء الأخوات، وكذلك -أيضاً- الأخوال وأبناؤهم والخالات، والأعمام والعمات وأولادهم، وأعمام الآباء يسمون أنساباً، يعني: أقارب ينتسب إليهم، وينتمي إليهم، فيقول: أنا ابن فلان ومن آل فلان.
وأما الصهر: فهو القرابة من النكاح كأبي الزوجة وأبيه -أبوها وجدها- وأجدادها، وكذلك إخوتها وأخواتها وأعمامها، هؤلاء أصهار، والصهر: القريب من النكاح.
والنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إنما خص النسب: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) أي: من القرابة بالولادة، جاء في رواية أخرى: (الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة) وهو نص على أن القرابة الحقيقية هي الولادة، ولكن قرابة الرضاعة لها نوع قرابة، فجعلها مثل النسب، ولكن القريب من الرضاعة قرابته قرابة محرمية، ليس مثل قرابة الولادة، فمثلاً: القريب من الولادة تجب نفقته عليه إذا احتاج إلى ذلك، أما القريب من الرضاعة فليس كأخيك من الولادة إذا افتقر أنفقت عليه حتى تسد خلته، وإذا مات الأخ من الولادة وليس له أولاد ولا أب فإنك ترث منه، وليس كذلك الأخ من الرضاعة.
وهكذا -أيضاً- القرابة من الولادة عليهم عقل الدية، فإذا قتل أحدهم إنساناً خطأً ألزمنا قرابته أن يدفعوا الدية، ويسمون بالعاقلة، وليس كذلك القرابة من الرضاعة، فلا يدفعون الدية مع العاقلة، وإنما القرابة من الرضاعة تسبب المحرمية، وتسبب منع النكاح، وتسبب جواز السفر بها، يعني: أختك من الرضاعة حرام عليك نكاحها، وهي محرم لك، فيجوز أن تكشف لك، وتسافر بها كمحارمك ولو مكاناً بعيداً، فلها نوع حق.
ومع ذلك إذا افتقرت لا تجب عليك نفقتها، ولا ترث منها إذا ماتت، ولا تعقل -يعني: تدفع من الدية- إذا قتل أحد إخوتك من الرضاعة، وإنما حق هذه القرابة زيارة واستزارة، واستضافة، وإجابة دعوة، وإكرام، وهدية، وقبول هدية، وما أشبه ذلك؛ لأن لها هذه القرابة.