شروط اللعان

يقول المصنف: القذف لابد أن يكون لفظاً، بأن يقول: إن امرأتي قد زنت.

سواء سمى الزاني فلاناً أو لم يسمه، فلو أشار إشارة ولو كانت إشارة مفهومة فلا يكون لعاناً.

ويشترط أن تكذبه، أما إذا صدقته واعترفت بأنها قد زنت فلا لعان، بل يقام الحد عليها.

ويبدأ الزوج بالشهادة، فيقول الزوج: أشهد بالله إني لصادق فيما رميتها به من الزنا.

يكرر ذلك أربع مرات، ثم يقول في الخامسة: وأن لعنة الله عليَّ إن كنت من الكاذبين.

هذه شهادة الزوج.

ثم إذا أنكرت الزوجة، وادعت أنه كذب عليها، فإنها تحضر وتشهد، فتقول: أشهد بالله إنه لكاذب فيما رماني به من الزنا، وتقول في الخامسة: وأن غضب الله عليَّ إن كان من الصادقين.

لا يقبل إلا بلفظ الشهادة (أشهد) ، إذا لم يأت بها فلا تكون شهادة؛ وذلك لأن الله تعالى قال: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور:6] وقال: {أَنْ تَشْهَدَ} [النور:8] فلو لم يأتِ بلفظ الشهادة، بل قال: إن هذه امرأتي زنت، إنها زانية، إنها زانية، وكرر ذلك أربعاً، لا يكون بذلك آتياً بما يدرأ عنه الحد، حتى يصرح بقوله: أشهد بالله.

والله تعالى يقول: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور:6] ويقول: {أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ} [النور:8] والشهادة تكون بالله، وسميت شهادة لأنها تدل على المشاهدة التي هي مشاهدة الشيء الظاهر، ورؤيته بالعين.

ثم الرجل يدعو على نفسه باللعن إن كان من الكاذبين، واللعن: هو الطرد والإبعاد من رحمة الله، ولا شك أنه والحال هذه يكون وعيداً شديداً، إذا دعا على نفسه وهو كاذب بهذا اللعن فقد عرض نفسه للعقوبة.

المرأة اختير لها الغضب، {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور:9] وغضب الله تعالى هو ما تشدد عقوبته، فإن الله تعالى إذا غضب فقد يعاقب من غضب عليه عاجلاً، وقد يؤخر عقوبته آجلاً -يعني في الدار الآخرة- هذا هو الصحيح في اختيار الغضب، والغضب أشد من اللعن؛ لأنه يسبب دخول النار والعياذ بالله، واللعن والغضب كلاهما يسبب العذاب.

وبدئ بالرجل لأنه أقوى جانباً؛ وذلك لأنه غالباً ليس بمتهم، ولا غرض له في أن يلاعن امرأته؛ لأنه إذا أبغضها فلا حاجة له إلى أن يقذف وبإمكانه أن يطلقها ويخلي سبيلها، فلا حاجة له إلى أن يلاعن وهو كاذب، فالقرائن تدل على صدقه، كما في قصة هلال، حيث إن امرأته ولدت مولوداً شبيهاً بذلك الرجل الذي قذفت به، فدلت القرائن على أنه أقرب إلى الحق وإلى الصدق، وكذلك في قصة امرأة هلال أنها تلكأت عند اليمين الخامسة، أو عند الغضب، وكادت أن تعترف، ومع ذلك أقدمت، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لولا الأيمان لكان لي ولها شأن) أي: لولا الأيمان لأقام عليها الحد، فدل ذلك على أن جانب الرجل أقوى من جانبها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015