ويتساهل كثير من الناس في حمل المناديل التي فيها دم، أحدهم مثلاً يرعف، أو يظهر في أسنانه شيءٌ من الدم أو في جرح معه فتراه يمسحه بالمنديل ثم يستمر في صلاته ويجعل المنديل في مخبئه، ويكون ذلك الدم مما لا يعفى عنه، فمثل هذا لا يصح أن يحمله.
وكذلك لو خرج منه الدم في خارج الصلاة ومسحه بمنديل مثلاً ثم حمل المنديل معه فإن هذا خطأ، لا يصلي وهو حامل لنجاسة.
ثم نقول: قد تقدم في بعض الأسئلة التي عرضت أن بعضهم يشك في نجاسة الدم، وكثير من الإخوان يقولون: الدم ليس بنجس، وذكرنا أنه نجس، وإنما يعفى عن قليله، كنطفة أو نقطٍ يسيرة متفرقة، وذكرنا أن الدليل كونه محرَّماً: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة:3] ، وكل محرم من السوائل فإنه نجس العين، ومن الأدلة أيضاً على نجاسته: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في تطهيره بثلاثة أشياء سُئِل عن دم الحيض يصيب الثوب فقال: (تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه) ، وذلك دليل على نجاسته.
ولا يقال: إن هذا خاص بدم الحيض فإن الحكم واحد، لأن دم الحيض أصله يخرج من عروق في جوف المرأة خلقها الله تعالى لتغذية الجنين، فهي من جملة بدن المرأة.
وقد ذكر صلى الله عليه وسلم أن دم المستحاضة دم عرق يقال له (العاذل) ، فدل على أن مخرجه واحد ويُلحق به بقية الدماء من الجروح ومن البدن ومن الذبيحة ونحوها، وذكرنا أن صلاة عمر رضي الله عنه وجرحه يثعب دماً، لأنه معذور، ويُلحق بمن حدثه دائم، لأن الذي حدثه دائم كالجروح السيالة، وصاحب السلس يصلي على حسب حاله، ولأنه لو ترك الصلاة ما توقّف الدم، وكذلك صلاة الصحابي الذي رمي وهو يصلي واستمر في صلاته ودمه ينزف، لأنه لا يستطيع إيقاف الدم فاستمر في صلاته، فهو كمن حدثه دائم، وهناك أدلة أخرى كثيرة.