بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.
ابتدأنا في كتاب الصلاة، وذكر المؤلف من تجب عليه الصلاة، ومن تسقط عنه، ومتى يؤمر بها الصغير، ومتى يضرب، وحكم تأخيرها إلى آخر الوقت، وحكم من جحدها، وكذلك ذكر الأذان والإقامة على من يجبا، وما يشترط للأذان من الترتيب والموالاة والنية، ومن يصح منه، وأنه يشترط أن لا يؤذن إلا بعد دخول الوقت، وذكرنا أن استثناء الفجر بناءً منهم على حديث بلال أنه كان يؤذن في آخر الليل، والظاهر من الأحاديث أنه ما كان يفعل إلا في رمضان أو آخر الليل، ولم يقتصروا على أذانه بل يؤذن بعده ابن أم مكتوم، فيترجح أنه لا يؤذن لصلاة إلا بعد أن يدخل وقتها، ولا فرق بين الفجر وغيره.
وكذلك متابعة المؤذن في كلمات الأذان وما له في ذلك من الأجر، وأنه إذا كان ذلك خالصاً من قلبه دخل الجنة، وأنه لا يتابع في الحيعلة، ولا في التثويب ولا في قد قامت الصلاة؛ لأنها ليست من الأذكار، وما يقول بعد الفراغ من الأذان، وكذلك أيضاً شروط الصلاة والحكمة في تفريق المواقيت، ودخول وقت الظهر ونهاية ذاك الوقت، وأن صلاة العصر لها وقتان اختياري واضطراري، وكذا العشاء، وبأي شيء تدرك الصلاة في وقتها لتكون أداءً لا قضاءً، وترجيح أنها لا تدرك إلا بإدراك ركعة كاملة، وكذا إدراك الجماعة، ووجوب التأكد من دخول الوقت ولو بغلبة الظن، وأنه إذا صلى قبل الوقت وأخطأ فإنه يعيد.
وحكم من أدرك أول وقتها وهو غير مكلّف ثم كلِّف في آخر وقتها كالمجنون يفيق والحائض تطهر في آخر الوقت، وماذا تقضيه، وحكم قضاء الفوائت وكيفيته، وحكم ستر العورة، ومتى يجب، وهل يختص الستر بداخل الصلاة؟ ومقدار عورة الرجل والحرة والأمة والصغير، وكذلك من انكشف بعض عورته في الصلاة وفحُش، وحكم من صلى في مكان نجس أو مغصوب أو ثوب مغصوب يرجِّحون أنه يعيد، والراجح أنه لا يعيد إذا صلى في ثوب مغصوب أو بقعة مغصوبة، ولكنه يأثم.
هذه خلاصة ما مر بنا.
والآن نأتي إلى بقية الشروط.
قال رحمه الله: [الرابع: اجتناب نجاسة غير معفو عنها في بدن وثوب وبقعة مع القدرة.
ومن جبر عظمه أو خاطه بنجس وتضرر بقلعه لم يجب، ويتيمم إن لم يغطه اللحم، ولا تصح بلا عذر في مقبرة وخلاء وحمام وأعطان إبل، ومجزرة ومزبلة، وقارعة طريق، ولا في أسطحتها.
الخامس: استقبال القبلة، ولا تصح بدونه إلا لعاجز ومتنفل في سفر مباح، وفرض قريب منها إصابة عينها وبعيد جهتها، ويعمل وجوباً بخبر ثقة بيقين وبمحاريب المسلمين، وإن اشتبهت في السفر اجتهد عارف بأدلتها وقلّد غيره، وإن صلى بلا أحدهما مع القدرة قضى مطلقاً.
السادس: النية، فيجب تعيين معيَّنة وسنة مقارنتها لتكبيرة إحرام، ولا يضر تقديمها عليها بيسير، وشُرِط نية إمامة وائتمام ولمؤتم انفراد لعذر، وتبطل صلاته ببطلان صلاة إمامه لا عكسه إن نوى إمام الانفراد] .
من شروط الصلاة: اجتناب النجاسة: النجاسة يراد بها النجاسة العينية كالبول والغائط والقيء النجس والدم وأجزاء الميتة والخمر والدواب النجسة كالخنزير والحُمُر، وأرواث الدواب النجسة كروث الحُمُر ونحوه، فهذه كلها تسمى نجاسات عينية، وهي التي لو غسلت لم تطهر، مثلاً الكلب لو غسل ثم غسل لا يطهر، الميتة لو غسلت لم تطهر بالغسل، وكذلك الخنزير والأعيان النجسة.
فالمصلي يكون متطهراً ويجتنب النجاسات، سواء في ثيابه أو على بدنه أو في البقعة التي يصلي عليها حتى لا يكون حاملاً للنجاسة، لو حمل النجاسة ولو مثلاً قطرات بول في قارورة، أو نقط دم لا يعفى عنها في منديل، فإنه لا تصح صلاته.