يسن للمؤذن والسامع متابعته سراً، قالوا: المؤذن أيضاً يجيب نفسه، فإذا كبر وقال: (الله أكبر) بصوت مرتفع كبر أيضاً سراً ليحصل على إجابة نفسه، وكذا السامع إذا سمعه يكبر كبر، وبعد كل جملة إلا في الحيعلة فيقول الحوقلة، وذلك بأن يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
بعد كل واحدة، وهي أربعة جمل، وبعد التثويب -الذي هو قوله: الصلاة خير من النوم- يقول: صدقت وبررت.
كأنهم قالوا: إن هذا استحسان، وذلك لأن كلمة (حي على الصلاة) ليست ذكراً وليست آية، وإنما هي دعوة نداء.
أي: هلموا إلى الصلاة! فلا فائدة في أن تقولها وأنت تجيبه، ولا فائدة للسامع أن يقول: حي على الصلاة.
وكذلك في الصلاة إذا قال الإمام: (سمع الله لمن حمده) .
فليست هذه ذكراً، فلا فائدة للمأموم في أن يقول: سمع الله لمن حمده، فلأجل ذلك يقول: ربنا ولك الحمد.
فهكذا في قول: (حي على الصلاة، حي على الفلاح) يأتي بالحوقلة لأنها ذكر، كأنه يقول: أنا أجيبك أيها المنادي معتمداً على حول الله وقوته، فليس لي حول وليس لي طول وليس لي قدرة وليس لي قوة إلا بأن يمدني الله تعالى بحول منه وبقوة منه، فيكون في هذا اعتماد على الله وتوكل عليه.
كذلك التثويب (الصلاة خير من النوم) ليست ذكراً، فلا فائدة في قولها، فإذا قال: صدقت وبررت، فإنه لا بأس بذلك، يكون ذكراً أن يصدقه فيما يقول.
وبعض العلماء يقول: يأتي بها لعموم الحديث الذي فيه: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول) ولكن الصحيح: أن عموم قوله: (فقولوا مثلما يقول) مستثنى منه الأشياء التي ليست ذكراً، ومثلها كلمة (قد قامت الصلاة) ليست ذكراً، فلا فائدة في أن يقولها، والحديث الذي فيه أن يقول: (أقامها الله وأدامها) ضعيف، ولكن لما كانت كلمة (أقامها الله وأدامها) كلمة دعاء فلا يعترض على من قالها، ولا يقال: إن هذا لم يثبت.
ونحن نقول: إنه لم يثبت مرفوعاً، ولكن الدعاء لا يمنع منه، وكونك تعيدها مع المقيم فتقول: قد قامت الصلاة.
لا فائدة في ذلك.