قوله: (ويلزمه رد المغصوب بزيادته، وإن نقص بغير تغير سعر فعليه أرشه) : ورد فيه حديث: (لا يحل لأحدكم أن يأخذ مال أخيه، ومن أخذ عصا أخيه فليردها) ، إن أخذ العصا بغير حق فإنه يردها.
فإن زاد فإنه يرده بزيادته متصلة أو منفصلة، والزيادة المتصلة كما إذا غصب شاة هزيلة وسمنت عنده، فإنه يردها ولو كانت تساوي مثل الثمن الأول مرتين.
وكذلك إذا غصب بستاناً ليس فيه حمل، ثم حمل الشجر فإنه يرده بحمله الموجود.
وكذلك لو غصب شاةً أو بقرة فحملت عنده فإنه يردها بحملها؛ لأنه عين مال المغصوب منه، فيرده ولو غرم عليه أضعافه.
ولو قال مثلاً: أنا أنفقت على هذه البقرة، أنا استجلبت لها فحلاً حتى طرقها، أنا حفظتها مدة ورعيتها وأعطيت الراعي أجرته، فيقال: أنت ظالم: (ليس لعرق ظالم حق) ، فعليك ردها بزيادتها ولا تستحق شيئاً.
وكذلك لو غيّرها عما كانت عليه، كما لو غصب قطناً فنسجه ثوباً؛ فإنه يرده منسوجاً، وقد يقال: إنه يستحق أجرة النسيج.
وكذلك لو غصب خشباً ونجره أبواباً فإن عليه رده؛ وذلك لأنه عين مال المغصوب منه، أو غصب بيضاً فأصبح فراخاً فإنه يردها، ولو قال: أنا ما غصبت إلا بيضاً فأرد بدله، فيقال: هذا عين مال المغصوب؛ ويلزمك أن ترده، ولو أنفقت عليه ما أنفقت.
وإذا غصب تبراً -يعني: ذهباً في ترابه- ثم صفّاه فأصبح صافياً مسبوكاً فإنه يرده، ولا أجرة له، وكذلك لو صاغه حلياً فإنه يرده، ولا حق له في أجرة؛ لأنه تصرف في ملك غيره.
وإذا غصب قطعة قماش، خاطها ثياباً فإنه يردها، ولو غرم عليها أضعاف ثمنها، وما ذاك إلا أنه تصرف في شيء لا يملكه، وليس له حق في هذا التصرف، بل هو تصرف فضولي فلا يستحق عليه شيئاً.
وهكذا لو باعها يلزمه استرجاعها، وإذا باع الشاة المغصوبة أو السيارة المغصوبة فالبيع باطل؛ لأنه تصرف في ملك الغير.
وهكذا لو جعلها صداقاً لامرأة تزوجها، فإنه يردها، ويعطي المرأة صداقاً بدل هذه الأشياء التي أصدقها.
وهكذا لو وهبها لإنسان لزم استرجاعها؛ فلو مات الغاصب فعلى الورثة أن يردوا الأعيان التي يعرفون أنها غصب إلى مالكها إذا كان معروفاً؛ وذلك لأنها ملك ذلك الرجل المعروف عندهم، فلا يحل لهم أن يستمتعوا بها وهم يعرفون أنها ظلم.