يقول: (وإن استولى على حر مسلم لم يضمنه، بل ثياب صغير وحليه) ، وذلك لأن الحر لا قيمة له ولا ثمن له، فلو استولى غصباً على إنسان حر، فحبسه عنده أو أوقفه عنده، وقدر أنه مرض ومات فلا دية عليه ولا ضمان بخلاف العبد، فإنه إذا استولى على العبد فمات عنده، فإنه يضمن ثمنه، وإذا استعمل هذا الحر كرهاً، فأكرهه على أن يبني عنده أو يحفر عنده أو استعمله في نسيج أو في حجامة أو في هندسة أو في سقي حرث أو في رعي إبل، واستعمله في عمل وأكرهه حتى اشتغل ذلك العمل، فعليه أجرته؛ وذلك لأن أجرته ومنافعه متقومة، والإنسان عادة لا يعمل عند غيره إلا بأجرة، فإذا استعمله كرهاً فعليه أجرته، وهكذا إذا حبسه، وأضاع عليه منفعته، فعليه أجرته، يقول: أنت حبستني شهراً أو أسبوعاً لو لم تكن حبستني لكنت أتكسب وأحترف وأحصل على مصلحة، والآن ضيعت علي هذا الزمان، فيطالبه بأجرته.
أما إذا كان صغيراً فإنه يضمن ثيابه وحليه، إذا اغتصب طفلا ًثم بليت ثيابه، فعليه ضمان ثيابه، وإن اغتصب جارية عليها حلي وأمسكها عنده -وهي حرة- وضاع حليها الذي عليها؛ فإنه يضمن ذلك الحلي.
أما إذا كان قناً مملوكاً فإنه يضمنه، فإن مات القن عنده ضمنه بقيمته، وإن حبسه فعليه أجرته، وإن استعمله كرهاً فعليه أجرته؛ وذلك لأن القن متقوم، كما لو غصب شاة فماتت فإنه يضمنها لأنها متقومة، ولو ماتت بمرض، وكذلك بقية الدواب، صغيرة أو كبيرة، فلو غصب دجاجة وماتت في يده ضمنها بقيمتها، أو غصب بعيراً كجمل أو ناقة، ثم ماتت عنده إما بتفريط كأن أهملها أو أجاعها أو حمل عليها، أو ماتت عنده مرضاً، فإنه يضمن الجميع؛ وذلك لأنها متقومة.