وذكر الزهري أن هشام بن عبد الملك قال له: من يسود أهل مكة؟ فقلت: عطاء, قال .. "
قال: من العرب أم من الموالي؟ قلتُ: من الموالي -عطاء-، ومثله من يأتي بعده كلهم، اللهم إلا النخعي إبراهيم.
"فقلت: عطاء، قال: فأهل اليمن؟ قلت: طاوس, قال: فأهل الشام؟ فقلت: مكحول, قال: فأهل مصر؟ قلت: يزيد بن أبي حبيب, قال: فأهل الجزيرة؟ فقلت: ميمون بن مهران, قال: فأهل خراسان؟ قلت: الضحاك بن مزاحم, قال: فأهل البصرة؟ فقلت: الحسن بن أبي الحسن, قال: فأهل الكوفة؟ فقلت: إبراهيم النخعي, وذكر أنه يقول له عند كل واحد ... "
المقصود أن كلهم من الموالي إلا إبراهيم لما قال له قال: فرجت عني، كلهم من الموالي إلا إبراهيم.
"وذكر أنه يقول عند كل واحدٍ: أمن العرب أم من الموالي؟ فيقول: من الموالي, فلما انتهى قال: يا زهري والله لتسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها, فقلت: يا أمير المؤمنين إنما هو أمر الله ودينه, فمن حفظه ساد، ومن ضيعه سقط .. "
نعم هذا المقياس، المقياس الدين من حفظه ساد، ومن ضيعه سقط، ولو كان من أشراف الناس، ولو كان من نسل محمد بن عبد الله، الله المستعان.
"قلتُ: وسأل بعض الأعراب رجلاً من أهل البصرة, فقال: من هو سيد هذه البلدة؟ قال: الحسن بن أبي الحسن البصري, قال: أمولى هو؟ قال: نعم, قال: فبم سادهم؟ فقال: بحاجتهم إلى علمه وعدم احتياجه إلى دنياهم, فقال الأعرابي: هذا لعمر أبيك هو السؤدد.
النوع الخامس والستون: معرفة أوطان الرواة وبلدانهم، وهو مما يعتني به كثير من علماء الحديث، وربما ترتب عليه فوائد مهمة، منها معرفة شيخ الراوي .. "
إذا عرفت بلد الراوي وأنه نفس بلد الذي روى عنه أو قريبٌ منه، وأمكن لقاؤه يعني يسهل عليك الحكم على أنه لقيه أو لم يلقه، أما تباعد البلدان كما نص الحافظ ابن رجب -رحمه الله- فالسلف والأئمة كلهم يحكمون بالانقطاع مع تباعد البلدان.