النوع الرابع والستون: في معرفة الموالي من الرواة والعلماء، وهو من المهمات، فربما نسب أحدهم إلى القبيلة فيعتقد السامع أنه منهم صليبة، وإنما هو من مواليهم فيميز ذلك ليعلم، وإن كان قد ورد في الحديث: ((مولى القوم من أنفسهم)) ومن ذلك أبو البختري الطائي، وهو سعيد بن فيروز، وهو مولاهم، وكذلك أبو العالية الرياحي، وكذلك الليث بن سعد الفهمي، وكذلك عبد الله بن وهب القرشي، وهو مولى لعبد الله بن صالح كاتب الليث، وهذا كثير .. "
أبو البختري ليس من طيء وإنما مولى، وكذلك أبو العالية ليس من الرياح، وكذلك الليث، وعبد الله بن وهب كل هؤلاء موالي.
"فأما ما يذكر في ترجمة البخاري أنه مولى الجعفيين فلإسلام جده الأعلى على يد بعض الجعفيين .. "
نعم يمان الجعفي والي بخارى، وهو جد عبد الله بن محمد المسندي شيخ البخاري، أسلم جد البخاري الأعلى على يد يمان الجعفي فنسب إلى جعف، ليس منهم إنما هو مولاهم.
"وكذلك الحسن بن عيسى الماسرجسي ينسب إلى ولاء عبد الله بن المبارك؛ لأنه أسلم على يديه وكان نصرانياً، وقد يكون الولاء بالحلف, كما يقال في نسب الإمام مالك بن أنس: مولى التيميين, وهو حميري أصبحي صليبة, ولكن كان جده مالك بن أبي عامر حليفاً لهم، وقد كان عسيفاً عند طلحة بن عبد الله التيمي أيضاً فنسب إليهم كذلك".
نعم أجير عندهم أجير، والأجير إذا طالت المدة عند صاحبه قد يعرف بالنسبة إليه، هذا واضح.
"وقد كان جماعة من سادات العلماء في زمن السلف من الموالي, وقد روى مسلم .. "
بل غالبهم، وهذا من حكمة الله -سبحانه وتعالى- أن الشرف شرف النسب إذا لم يصاحبه العمل لا ينفع وحده ((من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)) فمن حكمة الله -سبحانه وتعالى- أن برز في العلوم كلها أو جلها الموالي على ما سيأتي.
"وقد روى مسلم في صحيحه أن عمر بن الخطاب لما تلقاه نائب مكة أثناء الطريق في حج أو عمرة, قال له: من استخلفت على أهل الوادي؟ قال: ابن أبزى, قال: ومن ابن أبزى؟ قال: رجل من الموالي, فقال: أما إني سمعت نبيكم -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن الله يرفع بهذا العلم أقواماً، ويضع به آخرين)).