((اللهم أعني على ذكرك وشكرك)) إلى آخره، تسلسل بعد ذلك، قال معاذ لمن روى عنه: إني أحبك فلا تدع، قال للذي روى عنه: إني أحبك فلا تدع أن تقول .. إلى آخره، قد يكون التسلسل بالأفعال، حرك النبي -عليه الصلاة والسلام- شفتيه، وحرك ابن عباس شفتيه، وحرك الراوي عنه شفتيه .. إلى آخره، كما كان الرسول يحركها، كما كان ابن عباس يحركهما .. إلى آخره، بعد أن حدثني تبسم، مسلسل بالتبسم، قبض لحيته مسلسل بـ .. إلى آخره، هناك أحاديث مسلسلة وفيها الكتب، لكن غالبها ضعيف.
"ثم قد يتسلسل من أوله إلى آخره، وقد ينقطع بعضه من أوله أو آخره" وهذا معروف، "وفائدة التسلسل بعده من التدليس والانقطاع" لا شك أن هذا التسلسل يدل على أن هناك ارتباط وثيق بين الراوي ومن روى عنه، فيقوي مسألة الاتصال، ويضعف احتمال الانقطاع، يقول: "ومع هذا قلما يصح حديث بطريق مسلسل" يعني من أوله إلى آخره، والله المستعان.
النوع الرابع والثلاثون: معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه، وهذا الفن ليس من خصائص هذا الكتاب، بل هو بأصول الفقه أشبه، وقد صنف الناس في هذا كتباً كثيرة مفيدة من أجلها وأنفعها كتاب الحافظ الفقيه أبي بكر الحازمي -رحمه الله تعالى-، وقد كانت للشافعي -رحمه الله تعالى- في ذلك اليد الطولى, كما وصفه به الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى-.
ثم الناسخ قد يعرف من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كقوله: ((كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) ونحو ذلك، وقد يعرف ذلك بالتاريخ وعلم السيرة، وهو من أكبر العون على ذلك كما سلكه الشافعي -رحمه الله تعالى- في حديث: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) وذلك في زمن الفتح في شأن جعفر بن أبي طالب -رحمه الله-، وقد قتل بمؤتة قبل الفتح بأشهر، وقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: "احتجم النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو صائمٌ محرم"، وإنما أسلم ابن عباس مع أبيه في الفتح.
فأما قول الصحابي: هذا ناسخ لهذا فلم يقبله كثيرٌ من الأصوليين؛ لأنه يرجع إلى نوعٍ من الاجتهاد، وقد يخطئ فيه، وقبلوا قوله: هذا كان قبل هذا؛ لأنه ناقلٌ، وهو ثقةٌ مقبول الرواية.