"قال ابن الصلاح: ثم لا ينبغي لطالب الحديث أن يقتصر على مجرد سماعه وكتبه من غير فهمه ومعرفته"، هذا كثر في المحدثين بعد عصور الرواية الاقتصار على مجرد سماع الحديث وكتابته من غير فهمه والاستنباط منه، الذي هو الفائدة العملية من معرفة هذه النصوص، "فيكون قد أتعب نفسه، ولم يظفر بطائل"، بعض الناس يحرص على الكثرة، لكن إذا نظرت إلى ما في حفظه وما يستعمله من هذا المحفوظ وجدت الشيء اليسير، وما يفهمه من هذا المحفوظ وجدت الشيء القليل، ونظير هذا من يبتلى بداء المكاثرة، والتكاثر في جمع الكتب، تجد عنده ألوف مؤلفة من الكتب، لكن ماذا قرأ؟ إذا تسأله ماذا قرأ؟ ما يدري، ما يجيب؛ لأنه ما قرأ شيء، هذا مع الأسف الشديد واقع كثير من طلاب العلم، يجمعون الكتب؛ لأنها تيسرت الأسباب، ثم ماذا قرأ؟ لا شيء بخلاف السابقين، تجد عندهم من الكتب الشيء اليسير تفسيرين أو ثلاثة، وكتب السنة الأمهات، ومن كل مذهب كتاب معتمد، وكتاب في اللغة أو اثنين، وكتب العقائد المهمة وهكذا، يعني إن تعدى ذلك أخذ من التواريخ أصحها، والأدب أعفه، ويستفيد من هذه الكتب الفائدة المطلوبة، بينما الآن تجد طالب العلم عنده مائة تفسير، وشروح كتب السنة كلها، كتب المذاهب على اختلافها وتنوعها، مذاهب أهل السنة، بل المبتدعة أيضاً، ويجمع من الكتب ما لا يسمح له وقته بمعرفة أسمائها، وكثرة هذه التصانيف لا شك أنها مشغلة عن التحصيل، والواقع يشهد بذلك، ونحن ممن يعاني من هذا، أنا أعاني من كثرة الكتب، وهي مشغلة بلا شك، والله المستعان.

فأنصح طلاب العلم أن لا يقتنوا من الكتب إلا ما يحتاجون إليه، يعني شيوخنا عندهم تجد دالوب أو دالوبين فيه مائة أو مائة وخمسين مجلد، تجد هذه الكتب قرئت مراراً، وعلق عليها، وعرفوا ما فيها، لكن مع الكثرة الكاثرة ينشغل الإنسان بأمور -والله المستعان- هو في غنية عنها، والله المستعان.

طالب: هناك من يقول: إن شراء الكتب عبادة.

شراء الكتب بالنية الصالحة، الكتب التي ينوي بها أن يستفيد منها الفائدة المرجوة، لكن ويش تظن في شخصٍ يشري من كل كتاب عشر نسخ، خمس نسخ، أربع نسخ، ثلاث، أكثر أقل؟ نعم إيش يتصور من هذا؟ ليستفيد؟ الله المستعان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015