"قال ابن الصلاح: وليس بموفق من ضيع شيئاً من وقته في الاستكثار من الشيوخ" تجده ينتقل في البلدان وفي البلدة الواحدة من شيخ إلى شيخ علشان إذا كتب ثَبْتاً بشيوخه أثبت عدداً كبيراً من أهل العلم، قرأ على فلان وفلان وفلان وفلان، يسمع أن البخاري كتب عن أكثر من ألف شيخ، وفلان عن ألف وألف وزيادة والدارقطني ويسمع عن الطبراني وغيرهم ممن كتبوا أعداد كبيرة من الشيوخ، يستكثر من الشيوخ، وهذا ظاهر فيمن يتتبع الإجازات، تجد بعض الإخوان يضيع من الوقت الشيء الكثير والنفيس الثمين من أجل أن يحصل على إجازة من فلان وعلان، ويضيع عليه ذلك الحفظ والفهم والعلم والعمل.

نعم إن تيسر له شيئاً من ذلك ومن غير تعب، ومن غير أن يكون على حساب التحصيل لا بأس؛ لأن الإبقاء على سلسلة الإسناد من خصائص هذه الأمة، فينبغي المحافظة عليها، لكن الإكثار منها وتضييع الوقت من أجلها، أو الانتقال من شيخ إلى شيخ ليقول: إني قرأت على فلان وفلان وفلان، وحضرت فلان وفلان هذه حقيقةٌ مُرَّة إن كان هذا هو الهدف، والله المستعان.

"وليس بموفق -يقوله ابن الصلاح- من ضيع شيئاً من وقته في الاستكثار من الشيوخ لمجرد الكثرة وصيتها، قال: وليس من ذلك قول أبي حاتم الرازي: إذا كتبت فقمش، وإذا حدثت ففتش"، إذا كتبت اكتب عن كل أحد، واكتب كل شيء، كل ما تسمعه قيده، لكن إذا حدثت، يعني في التحمل تحمل كل شيء سهل هذا ما فيه إشكال، لكن إذا حدثت وأردت أن تبلغ علمك إلى الآخرين ففتش، تخير من هذه العلوم التي جمعتها الأنفع للناس، والأصح منها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015