وكان السبب في هجو حسان إياهم أن النجاشي، وهو من رهط الحارث بن كعب، هجا بني النجار من الأنصار بشر يقول فيه:

لستم بني النَّجَّار أكفاء مثلنا ... فأبعد بكم عنّا هنالك أبعد

فإن شئتم نافرتكم عن أبيكم ... إلى من أردتم من تهام ومنجد

ألم يك فيكم ينفخ الكير باسته ... كأنّ بشدقيه نفاضة إثمد

روى السكري عن ابن حبيب قال: ذكروا أن الأنصار اجتمعوا في مجلس، فتذاكروا هجاء النجاشي إياهم، فقالوا: من له؟ فقال الحارث بن معاذ بن عفراء: حسان له، فأعظم ذلك القوم، وقالوا: نأتي حسان، وإن طعامه ليغلبه من ضعف حنكه! نعرضه للنجاشي فلعله يغلبه، ولم يغلبه أخد قط! ؟ لا نفعل. قال: والله لا أنزع عني قميصي حتى آتيه، فأذكر له. فتوجّه نحوه، والقوم كلهم معظم لذلك، فلما دخل عليه كلمّه فقال: أين أنتم عن عبد الرحمن؟ ! قال: إياك أردنا، قد قاوله عبد الرحمن فلم يصنع شيئًا، فوثب وقال: كن وراء الباب واحفظ ما ألقي، فضربته زافرة الباب فثجته على حاجبه، فقال: بسم الله، اللهم اخلف فيَّ رسولك، صلى الله تعالى عليه وسلم اليوم. فقال الحارث: فعرفت حين قالها ليغلبنَّه، فدخل وهو يقول:

أبني الحماس أليس منكم ماجد ... إنَّ المروءة في الحماس قليل

وهي أبيات ستة ثم مكث طويلًا في الباب يقول: والله ما أبحرت، أي: لم أبلغ ما أريد، ثم ألقى عليه فقال:

حار بن كعب ألا أحلام تزجركم ... إلى آخر الأبيات التي تقدمت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015