في "أو من" لاجتماع الهمزتين، كما أن تركها في "آمن" لذلك، فلما زال اجتماعهما مع سائر حروف المضارعة سوى الهمزة، رد الكلمة إلى الأصل فهمز، لأن الهمزة من الأمن والأمنة فاء الفعل، ومما يقوي [الهمز] في ذلك أن من تركها إنما يقلبها واوا ساكنة، وما قبلها متحرك بالضم، والواو الساكنة إذا انضم ما قبلها، فقد استجازوا قلبها همزة، قال محمد بن يزيد: أخبرني أبو عثمان، قال: أخبرني الأخفش، قال: كان أبو حية النميري يهمز كل واو ساكنة قبلها ضمة، وينشد:
لحب المؤقدان إلى مؤسى
وتقدير ذلك أن الحركة لما كانت تلي في موسى، صارت كأنها عليها، والواو إذا تحركت بالضم، أبدلت منها الهمزة، فإذا جاز إبدال الهمزة من الواو التي ذكرنا واجتلابها، وإن لم تكن من الكلمة، فالهمزة التي هي أصل في الكلمة أولى بالتقرير، وأن لا يبدل منها الواو. انتهى.
وقال أيضا عند قوله تعالى: (بالسؤق والأعناق) من سورة (ص): قرأ ابن كثير وحده "بالسؤق" بالهمز، وقرأ أيضا (بالسؤوق) بواو بعد الهمزة، أما الهمز في السؤق فغيره أحسن وأكثر، وللهمز فيه وجيه في القياس والسماع، فأما السماع فإن أبا عثمان زعم أن أبا الحسن كان يقول: إن أبا حية النميري يهمز الواو التي قبلها ضمة، وينشد:
لحب المؤقدان إلى مؤسى
فعلى هذا يجوز همز سؤق. فأما وجه القياس، فإن الهمز لما لم يكن بينها وبين الضمة حاجز، صار كأنها عليها، فهمزها كما يهمزها إذا تحركت بالضم، وأما