بكرت عليه غدوة فرأيته ... قعودا لديه بالصريم عواذ له
يفدينه طورا وطورا يلمنه ... وأعيا فما يدرين أين مخائله
فأقصرن منه عن كريم مرزا ... عزوم على الأمر الذي هو فاعله
أخي ثقة لا تتلف الخمر ماله ... ولكنه قد يهلك المال نائله
تراه إذا ما جئته متهللا ... كأنك تعطيه الذي أنت سائله
ترى الجند والأعراب يغشون بابه ... كما وردت ماء الكلاب هوامله
إذا ما أتوا أبوابه قال مرحبا ... لجو الباب حتى يأتي الجوع قاتله
فلول لم يكن في كفه غير نفسه ... لجاد بها فليتق الله سائله
وذي نسب ناء بعيد وصلته ... بمال وما يدري بأنك واصله
وذي نعمة تممتها وشكرتها ... وخصم يكاد يغلب الحق باطله
وذي خطل في القول يحسب أنه ... مصيب فما يلمم به فهو قائله
عبأت له حلما وأكرمت غيره ... وأعرضت عنه وهو باد مقاتله
ومن مثل حصن في الحروب ومثله ... لإنكار ضيم أو لخصم يحاوله
حذيفة بنميه وبدر كلاهما ... إلى باذخ يعلو على من يطاوله
أبي الضيم والنعمان يحرق نابه ... عليه فأفضى والسيوف معاقله
عزيز إذا حل الحليفان حوله ... بذي لجب لجابه وصواهله
قوله: صحا القلب عن سلمى، هذا البيت من شواهد علماء البلاغة، قال الأعلم في شرح ديوانه: يقول: صحا قلبه عن حب سلمى، وكف باطله ولهوه، وقوله: وعرى أفراس الصبا، هذا مثل ضربه، أي: ترك الصبا وركوبه الباطل، وقوله: وأبيض فياض: يريد رجلا نقيا من العيوب، والفياض: الكثير العطاء، وأصله من الفيض، وقوله: يداه غمامة، أي: تمطر يداه بالإعطاء كما تمطر الغمامة، ولمعتقون: الطالبون ما عنده، يقال: عفاه وأعفاه: إذا أتاه وسأله ما عنده،