ويجوز أن ينصب بفعل يفسره ما بعده كما ذكرنا، والنسك: العبادة، والناسك: العابد، وفعله من باب قتل، وقوله: لعاقبة، أي: لحسن العاقبة، والعاقبة: مصدر بمعنى العقبى، والله: منصوب بالفعل بعده، وربك: صفته، قال أبو حيان في "البحر" عند تفسير قوله: (وَإيَّايَ فَارْهَبُونِ) [البقرة/ 40] والذي يدل على أن هذا التركيب، أعني: زيداً فاضرب، تركيب عربي صحيح، قوله تعالى: (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ) [الزمر/ 66] وقال الشاعر:
ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا
قال بعض أصحابنا: الذي ظهر فيها بعد البحث أن الأصل في "زيداً فاضرب" تنبه فاضرب زيداً، ثم حذف "تنبه" فصار: فاضرب زيداً – فلما وقعت الفاء صدراً، قدموا الاسم إصلاحاً للفظ، وإنما دخلت الفاء هنا لتربط هاتين الجملتين. انتهى.
وقوله: ولا تسخرن من بائس .. إلخ. في "المصباح": سخرت منه وبه –قاله الأزهري- سخراً، من باب تعب: هزئت به، والبائس: الفقير الذي أصابه البؤس والشدة، والضرارة: هي الضرورة، وبها روي أيضاً.
وقوله: ولا تقربن جارة، أي: للفحشاء، قال شارح ديوانه: السر: النكاح، والتأبد: التعزب، ومن هذا قيل للوحش: أوابد، لتأبدها. وقال السهيلي: وقوله: فانكحن أو تأبدا، يريد: أو ترهب، لأن الراهب –أبداً- عزب، فقيل له: متأبد، اشتق له من لفظ الأبد. انتهى.