فقال: أنا أعرابي غريب، قال: إياك أبغي، قال: تروي الشعر؟ قال: نعم وأقوله، فأقبل به حتى أدخله القصر وأغلق الباب فأيقن بالشر، ثم مضى به فأدخله على هشام في بيت صغير، بينه وبين أهله ستر رقيق والشمع بين يديه، قال: فلما دخلت قال لي: أبو النجم؟ قلت: يا أمير المؤمنين طريدك! قال: أجلس، فسألني وقال: أين كنت تأوي؟ فأخبرته الخبر، قال: ومالك من الولد والمال؟ قلت: أما المال فلا مال لي، وأما الولد في ثلاث بنات وبني يقال له شيان، قال: هل زوجت من بناتك [أحدًا]؟ قلت: نعم زوجت اثنتين، وبقيت واحدة تجمز في أبياتنا كأنها نعامة، قال: وما وصيت به الأولى وكانت تسمى برة- قال:

أوصيت من برَّة قلبًا حرّاً ... بالكلب خيرًا والحماة شرَّا

لا تسأمي ضربًا لها وجرّا ... حتىَّ ترى حلو الحياة مرّا

وإن كستك دهبًا ودرّا ... والحيَّ عمِّيهم بشرٍّ طراّ

فضحك هشام وقال: فما قلت للأخرى؟ قال: قلت:

سبّي الحماة وابهتي عليها ... وإن دنت فازدلفي إليها

وأوجعي بالفهر ركبتيها ... ومرفقيها واضربي جنبيها

وقعدّي كفيك في صدغيها ... لا تخبري الدَّهر بذاك ابنيها

فضحك هشام حتى بدت نواجذه، وسقط على قفاه. وقال: ويحك، ما هذه وصية يعقوب ولده! قال: ولا أنا كيعقوب يا أمير المؤمنين، قال: فما قلت في الثالثة؟ قال: قلت:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015