والظل يَختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة؛ وإنما يتبين ذلك في مثل مكة من
البلاد التي يقِل فيها الظل، فإذا كان أطول النهار، واستوت الشمس فوق
الكعبة لم يُر لشيء من جوانبها ظل، فكل بلد يكون أقربَ إلى خط
الاستواء، ومعدّل النهار يكون الظل فيه أقصر، وكلما بَعد عنهما إلى
جهة الشمال يكون الظل فيه أطول ".
قوله: " حين كان ظله مثله " وفي بعض الرواية: " حين صار كل ظل
مثله ".
قوله: " حين غاب الشفق " وهو البياض المعترض في الأفق عند
أبي حنيفة، لأنه من أثر النهار. وبه قال زفر، وداود، والمزني،
واختاره المبرد والفراء، وهو قول أبي بكر الصديق، وعائشة،
وأبي هريرة، ومعاذ، وأبيٍّ، وابن زبير، وعمر بن عبد العزيز،
والأوزاعي. وقال أبو يوسف، ومحمد: هو الحمرة. وهو قول مالك،
والشافعي، وأحمد، والثوري، وابن أبي ليلى، وإسحاق بن راهويه.
وروي ذلك عن ابن عمر، وابن عباس، وشداد بن أوس، وعبادة بن
الصامت، وحكِي عن مكحول وطاوس، وحكي عن أحمد: إنه البياض
في البنيان، والحمرة في الصحارَى. وقال بعضهم: الشفق: اسم
للحمرة والبياض معا؛ إلا أنه إنما يطلق في أحمر ليس بقانٍ، وأبيض ليس
بناصع.
قوله: " حين حرم الطعام والشراب على الصائم " وهو أول طلوع الفجر
الثاني الصادق.
قوله: " حين كان ظله مثلَيه " وهذا آخر وقت الظهر عند أبي حنيفة؛
لأنه عنده إذا صار ظل كل شيء مثليه سوى في الزوال يخرج وقت الظهر،
ويدخل وقت العصر. وقال أبو يوسف، ومحمد: إذا صار ظل كل
شيء مثله يخرج وقت الظهر، ويدخل وقت العصر؛ وهو رواية الحسن
ابن زياد عنه. وبه قال الشافعي، ومالك، وأحمد، والثوري،
وإسحاق؛ ولكن قال الشافعي: آخر وقت العصر إذا صار ظل كل شيء
مثليه لمن ليس له عذر، وأما أصحاب العذر والضرورات فآخر وقتها لهم:
غروب الشمس، قبل أن يصلي منها ركعة.