كذلك، قد ذكرت في شرحي على " الكلم الطيب " (?) : أن الهم إنما يكون في الأمر المتوقع، والحزن فيما قد وقع، والهم هو الحزن الذي يذيب الإنسان، يقول: همني الشيءُ، أي: أذابني، وسنام مهموم، أي: مذاب، ويقال: أهمني إذا طرح في قلبه الهم، وفي المثل: همك ما أهمك، كما تقول: شغلك ما شغلك " وباقي الألفاظ قد شرحناه.
وفي هذه الأحاديث التي تقدمت دليل لاستحباب الدعاء والاستعاذة من هذه الأشياء المذكورة وما في معناها، وهذا هو الصحيح الذي أجمع عليه العلماء، وأهل الفتاوى في الأمصار في كل الأعصار، وذهبت طائفة من الزهاد وأهل المعارف إلى أن ترك الدعاء أفضل استسلاما للقضاء، وقال آخرون منهم: إن دعي للمسلمين فحسن، وإن دعي لنفسه فالأولى تركه، وقال آخرون منهم: إن وجد في نفسه باعثا للدعاء استحب وإلا فلا، ودليل الفقهاء ظواهر القرآن والسّنّة في الأمر بالدعاء وفعله، والإخبار عن الأنبياء- عليهم السلام- بفعله (?) .