والثاني: بدل بعض من كل، كقولك: أكلت الرغيف نصفه، ومثله قوله تعالى: (ثم عموا وصموا كثير منهم) [المائدة /71].

والثالث: بدل الاشتمال: وهو ما يدل على معنى في متبوعه، أو يستلزم معنى في متبوعه. فالدال على معنى في المتبوع، كقولك: أعجبني زيد حسنه، وكقول الراجز: [من الرجز]

519 - وذكرت تقتد برد مائها ... وعتك البول على أنسائها

والدال على ما يستلزم معنى في المتبوع كقولك: أعجبني زيد ثوبه، وكقوله تعالى: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه) [البقرة /217] لأن القتال في الشهر الحرام يستلزم معنى فيه، وهو ترك تعظيمه، وكقوله تعالى: (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانًا شرقيًا) [مريم /16] فإن وقت الانتباذ، وما عقبه يستلزم معنى في مريم (عليها السلام) وهو كونها على غاية من التقى والبر والعفاف، فلذلك صح في (إذ) أن تكون بدل اشتمال من (مريم).

ولابد في بدل الاشتمال من رعاية أمرين:

أحدهما: إمكان فهم معناه مع الحذف، كما في قولك: أعجبني زيد علمه وأدبه، فإن ذكر زيدٍ يشتمل على علمه وأدبه اشتمالا يفهم معناه في الحذف، ومن ثم امتنع، نحو: عقلت زيدًا بعيره، لأن ذكر زيد لا يشتمل على البعير، ولا يشعر به.

والأمر الآخر: حسن الكلام على تقدير حذفه، ومن ثم امتنع نحو: أسرجت زيدًا فرسه، لأنه وإن فهم معناه في الحذف لا يحسن استعمال مثله، وإن جاء شيء منه حمل على الإضراب أو الغلط.

والغالب في بدل البعض والاشتمال مصاحبة ضمير عائد على المبدل منه، وقد يخلوان عنه، كقوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) [آل عمران /97] على أظهر الاحتمالين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015