وأما أفعل التفضيل فإنه، وإن انحط درجة عن اسم الفاعل، والصفة المشبهة به فله مزية على العامل الجامد، لأن فيه ما في الجامد من معنى الفعل، ويفوقه بتضمن حروف الفعل، ووزنه، فجعل موافقًا للعامل الجامد، في امتناع تقديم الحال عليه، إذا لم يتوسط بين حالين، نحو: (هو أكفؤهم ناصرًا). وجعل موافقًا لاسم الفاعل في جواز [132] التقديم عليه إذا توسط حالين // نحو: (زيد مفردًا أنفع من عمروٍ معانًا) ومثله: (هذا بسرًا أطيب منه رطبًا).

وليس هذا على إضمار إذا كان فيما يستقبل، أو إذا كان فيما مضى، كما ذهب إليه السيرافي، ومن وافقه، لأنه خلاف قول سيبويه، وفيه تكلف إضمار ستة أشياء من غير حاجة، ولأن أفعل هنا كأفعل في قوله تعالى: ((هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان) [آل عمران /167] في أن القصد بهما تفضيل شيء على نفسه باعتبار متعلقين، فكما اتحد هنا المتعلق به كذا يتحد فيما ذكرنا، وبعد تسليم الإضمار بلزوم إعمال أفعل في إذا، أو إذ فيكون ما وقع فيه شبيهًا بما فر منه.

والحذاق من النحويين يخالفون السيرافي فيما ذهب إليه.

قال أبو علي في التذكرة: (مررت برجل خير ما يكون خيرٍ منك خير ما تكون) العامل (في خير ما يكون) (خير منك) لا (مررت) بدلالة: (زيد خير ما يكون خير منك خير ما تكون).

وصحح أبو الفتح قول أبي علي في ذلك.

وقال ابن كيسان: تقول: زيدً قائمًا أحسن منه قاعدًا، والمراد بزيد حسنه في قيامه على حسنه في قعوده، فلما وقع التفضيل في شيء على شيء وضع كل واحد منهما في الموضع الذي يدل فيه على الزيادة، ولم يجمع بينهما.

ومثل هذا أن تقول: حمل نخلتنا بسرًا أطيب منه رطبًا.

348 - والحال قد يجيء ذا تعدد ... لمفردٍ فاعلم وغير مفرد

الحال شببهة بالخبر والنعت، فيجوز أن تتعدد وصاحبها مفرد، وأن تتعدد وصاحبها متعدد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015