فإن (تغير) بمعنى: لم يبق على حاله، و (تغيب) بمعنى: لم يحضر.

ومثال تقدم شبه النفي قولك: لا يقم أحد إلا عمرو، وهل أتى الفتيان إلا عامر؟ ونحوه قوله تعال: (ومن يغفر الذنوب إلا الله) [آل عمران /135]، (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) [الحجر /56]، المعنى: ما يغفر الذنوب إلا الله، وما يقنط من رحمة ربه إلا الضالون.

فالمختار فيما بعد (إلا) من هذه الأمثلة، ونحوها إتباعه لما قبلها لوجود الشروط المذكورة، ونصبه على الاستثناء عربي جيد.

والدليل على ذلك قراءة ابن عامر قوله تعالى: (ما فعلوه إلا قليلا منهم) [النساء /66]، وإن سيبويه روى عن يونس وعسيى جميعًا أن بعض العرب الموثوق بعربيتهم يقول: (ما مررت بأحدٍ إلا زيدًا، وما أتاني أحد إلا زيدًا).

والإتباع في هذا النوع على الإبدال عند البصريين وعلى العطف عند الكوفيين.

قال أبو العباس ثعلب: كيف تكون بدلا، وهو موجب، ومتبوعه منفي؟

وأجاب السيرافي: بأن قال: هو بدل منه في عمل العامل فيه، وتخالفهما بالنفي، والإيجاب لا يمنع البدلية، لأن مذهب البدل فيه: أن يجعل الأول كأنه لم يذكر، والثاني في موضعه، وقد يتخالف الموصوف والصفة نفيًا وإثباتًا نحو: مررت برجل لا كريم ولا لبيب.

وإن كان الاستثناء منقطعًا وجب نصب ما بعد (إلا) عند جميع العرب، إلا بني تميم فإنهم قد يتبعون في غير الإيجاب المنقطع، المؤخر في المستثنى منه، بشرط صحة [118] الاستغناء عنه // بالمستثنى، فيقولون: ما فيها إنسان إلا وتد، ويقرؤون قوله تعالى: (ما لهم به من علمٍ إلا إتباع الظن) [النساء /157] لأنه يصح الاستغناء بالمستثنى عن المستثنى منه، كأن يقال: ما فيها إلا وتد، وما لهم إلا إتباع الظن، ومن ذلك:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015